كرسي الحلاق الذي أضل كثيراً من الناس

الحلاق يملك أفخم واكبر كرسي فهو يتحرك يميناً وشمالاً ويرتفع إلى الأعلى وينخفض إلى الأسفل! وكل جزء فيه متحرك حسب رغبة الحلاق وليس رغبة الزبون!

يرفع ذقنه ويخفض رأسه اذا طلب الحلاق منه ذلك!

مزايا كرسي الحلاق وفخامته اضلت كثيراً من الناس، فما ان يستقر عليه الموظف(الزبون) بقرار رئاسي او وزاري او إداري يتغير فيه كل شيء! يتنكر لاصدقائه ومعارفه ويزدري المواطن الذي كان هو ذاته قبل قرار التعيين.

يظن أن الكرسي ملك له ورثه من ابوه عن جده عن جد جده! ونسي المسكين (الموظف) أن بقاءه على هذا الكرسي يعود لرغبة الحلاق، فمتى ما انتهاء من عمله أصدر له فعل الأمر (قُم) خلاص! الزبون الآخر ينتظر! عند ذلك ينسحب المسحوب (المحلوق) إلى الخارج بعد أن يدفع (حق الحلاقة)! حتى كلمة مجاملة لا يسمعها ماعدى (نعيماً) يقولها الحلاق بقرف.

نقولها لاصحابنا ومعارفنا واصدقائنا من المسئولين ان هذه الكراسي التي تجلسون عليها هي كراسي حلاق ستتركونها يوماً ما، إما بكلمات الشكر اذا احسنتم او بالسب واللعن اذا اسأتوا.

أحسنوا معاملتكم مع المواطنين ومع اصدقائكم لأنكم اليوم مسئولين وغداً مواطنين، ودوام الحال من المحال، ولو دامت لغيرك ماوصلت إليك.

أيها الموظف(الخادم) إذا أتى إليك صديق أو مواطن فلا تغلق بابك ولا تعبس في وجهه او تتركه على الباب ساعات بحجة انشغالك فقد سبقك في هذا المكتب غيرك كثير واصبحوا من الماضي بلا ذكر ولا شكر.

عند قبولك للوظيفة فأنت قبلت ان تكون خادم للشعب، وإذا أردت أن تكون مخدوم عليك ترك الوظيفة والعودة إلى وضعك السابق(مواطن)! هكذا هي الحياة ولنا في التاريخ عبر.

وقد رثاء المعتمد بن عباد حاله بعد فراق كرسي الحكم واحسن :

......

قد كان دهرك أن تأمره ممتثلاً

لما أمرت وكان الفعل مبرورا

وقد حكمت على الأقوام في صلف

فردّك الدهر منهياً ومأمورا.

اخي وزميلي وصاحبي المسئول : اعلم أنك مسئولاً يوم القيامة عن هذه الوظيفة فأحسن ليحسن الله إليك يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا تغترّ بكرسي الحلاق الذي تجلس عليه فقد سبقك غيرك وسيخلفك آخرين وكلكم مسئولين عما فعلتوا فإن احسنتم احسنتم لأنفسكم وإن اسأتم فلها.

والله من وراء القصد

عبدالله سعيد القروة