يبدو ان الفشل على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية الذي تعيشه البلد لاسيما في المناطق المحررة، وجبهات القتال، قد احبط الشعب تماما وجعله ينظر لاي خطوة تقوم بها الحكومة او التحالف بصورة مجردة من الأمل، خصوصا وان المعاناة تزداد يوميا عن يوم ولم يتم مواجهتها بحلول جدية ونوايا صادقة ومدروسة، لهذا اصبح الحديث عن المؤتمرات والحوارات السياسية ضربا من الترف، والبهرجة الاعلامية، اكثر من كونها مناسبة او اداة لانتاج الحلول الناجعة.
المؤتمر الذي دعا له مجلس التعاون الخليجي، والذي من المقرر ان تكون بدأت اعماله يوم أمس في الرياض بمشاركة 500 شخصية يمنية من مختلف القوى السياسية والاجتماعية اليمنية، وذلك للتشاور حول اجندة محددة سلفا، لم يعلن عن هدفه بشكل واضح ومحدد، وهو ما يثير الكثير من التكهنات عما اذا كان هذا المؤتمر سيخرج بنتائج تعالج الوضع المتردي في اليمن لاسيما في المناطق المحررة، او سيعيد صياغة رؤى جديدة في كيفية تفعيل العمليات العسكرية، وتوحيد القوى المتنافرة لتحقيق النصر في الحرب الدائرة منذ ثمان سنوات، او انه سيقتصر فقط على تلميع صورة التحالف امام العالم، ومنحه الاستمرارية في مواصلة الفشل والتوغل والبقاء في البلد لتحقيق اهداف لاعلاقة لها باليمن واليمنيين.
في السابق لم يفضي المؤتمر الأول الذي انعقد في الرياض عقب اندلاع الحرب العام 2015 الي نتائج ايجابية تهم اليمنيين بقدر ما خرج بتوصيات شرعنت تدخل التحالف في الحرب لاعادة الشرعية الي صنعاء وهو مالم يحدث منذ ثمان سنوات خلت، كما تراوح نتائج المؤتمر الثاني الذي انعقد قبل ثلاث سنوات تقريبا لحل الخلاف بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي مكانها دون اية تقدم او تنفيذ لبقية البنود المهمة.. وهو ما يمنح الشعب فائضا من اليأس بنجاح المؤتمر رقم ثلاثة الذي سيتم سلقه في اقل من عشرة ايام في حضور كثيف لشخصيات تعيش خارج البلاد لم يعد يربطها بالداخل سواء حصة الحكومة من النفط التي تباع لدفع مرتباتهم الشهرية وبالدولار.
مع كل هذا الاحباط الذي يعيشه الشارع اليمني جنوبا وشمالا، وتفاقم الازمة الاقتصادية بصورة تنذر بمجاعة فظيعة، واستمرار الحرب بصورة تراكم المشكلات من كل نوع.. علينا ان لا نفقد الأمل بصورة نهائية، فالأمل في الله وحده كبير لعله يجعل كل هذه التحركات تصب في صالح البلد هذه المرة مصداقا لقوله تعالى :ان مع العسر يسرا.
ان المطلوب من مؤتمر الرياض الخروج بحلول للمشكلة الاقتصادية، والوضع المتردي في المناطق المحررة، فضلا عن تغيير معادلة الحرب على الارض لصالح حسم المعركة او احلال السلام، ناهيك عن ضرورة الاهتمام بالقضية الجنوبية باعتبارها قضية مركزية وايجاد حلول سياسية جذرية لها لتطميين الجنوبين وتشجيعهم على التقارب مع القوى الاخرى لتشكيل جبهة عسكرية موحدة لحسم الحرب والحفاظ على الأمن والاستقرار، كما واعادة اجراء تغييرات عميقة داخل السلطة الشرعية تساعد على انجاز المطالب المذكورة، وتحقيق النجاحات المطلوبة.
اذا تجاوز المؤتمر كل هذه المطالب الشعبية فانه سيلحق بمن سبقه في الفشل، ولن يكون سواء مهرجانا لتوزيع الاموال، واطباق الطعام الشهي، والكذب، والرقص على اشلاء اليمنيين ودماءهم.