مؤتمر الرياض 2 مرة أخرى (الأخيرة)
تلقيت يوم أمس دعوةً للمشاركة في أعمال مؤتمر الرياض2 الذي من المفترض أن يبدأ أعماله اليوم 29 مارس 2022م، والدعوة مرسلة لي عبر الأخ أمين زهرة مدير مكتب الأخ رئيس مجلس النواب، وبعد تروٍ ودراسة فوائد الرفض والقبول للدعوة فقد قررت قبول هذه الدعوة، الموجهة أساسا من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي.
كنت منذ البداية قد عبرت عن مجموعة من الآراء والتصورات والمقترحات حول متطلبات نجاح المؤتمر، لكن مقاطعة الحوثيين واختيارهم حوار الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية بديلا عن حوار الأفكار واللغة والعقل قد خلق معطيات جديدة تقتضي إعادة صياغة الهدف الرئيسي من المؤتمر، وهو تقييم التجربة الماضية للتعامل مع الانقلاب والانقلابيين خلال سبع سنواتٍ كاملةٍ، واقتلاع أسباب الإخفاق والبحث عن عناصر إضافية لنجاح عاصفة الحزم وإلحاق الهزيمة النهائية بالمشروع الحوثي تماماً مثلما هزمه الجنوبيون في أقل من مائة يوم.
هذا الكلام عبرت عنه وسأظل أتمسك به سواءٌ دعيتُ لحضور المؤتمر أم لم أُدعَ حضرتُ أم لم أحضر.
وهنا سأكرر ما قلته مراراً وهو إن الجماعة الانقلابية الحوثية بما حققته من (نجاحات وهمية)، أعني هنا استمرارها في السيطرة على مساحة الجمهورية العربية اليمنية (السابقة) وما تمارسه من سياسات قمعية واستبدادية تجاه مواطني المناطق التي تهيمن عليها، وما تمثله من تهديد لبلدان الجوار وللأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم، لم تحقق كل هذا بفضل تفوقها لا الأخلاقي ولا العسكري ولا المادي ولا السياسي ولا حتى العقائدي، فالجماعة تتكئ على مجموعة من المنطلقات الخرافية مصحوبة بوهم القوة والصلف والبطش المفرط مع كل الشعب الشقيق في الشمال، والاستهتار بالمعايير والقيم والأعراف المحلية والعربية وحتى المبادرات الإقليمية والدولية.
إن التفوق (الوهمي) للجماعة الحوثية يأتي نتيجة لمساوئ الطرف الذي يقول أنه يواجهها، وأقصد هنا السلطة الشرعية وخاطفيها، فالشريحة المهيمنة على الشرعية، والتي أسميها دائما بـ”خاطفي الشرعية” هذه الشريحة لا تقل سوءً عن الجماعة الحوثية، لا بالسمعة غير الحسنة، ولا بالتاريخ المملوء بالمساوئ، ولا بالفساد في الماضي والحاضر ولا بسوء الإدارة ولا بغياب أي مشروع يمكن أن يعبر عن تطلعات الشعب الشمالي، ومن هنا فإن الشعب الذي يقف حائراً بين خيارين كل منهما أسوأ من الآخر يبقى بعيداً عن الخيارين، لكن الجماعة الحوثية تلجأ إلى سياسة الإكراه والقسر والاستقواء لأجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى الجبهات دونما أدنى مبالاة بمصير الأطفال والشباب الذين يحشدون إلى الجبهات بلا أي خبرة أو تأهيل ولا حتى وسائل الدفاع عن النفس.
وبعيداً عن الإطالة والاسترسال في التفاصيل فإن الورطة التي تمر بها اليمن وما يسميه البعض بـ”فشل التحالف العربي” لا يكمن في قوة الحوثيين ولكن في نوع الحلفاء المحليين الذين اختارهم الأشقاء في دول التحالف لمواجهة المشروع الحوثي، فمعظم هؤلاءِ (الحلفاء) هم أقرب إلى المشروع الإيراني وإلى الحوثيين منهم إلى الشعب اليمني أو إلى التحالف العربي، ولذلك فكل ما أنجزوه هو تسليم الحوثيين المناطق التي حررها أهلها في كل من البيضاء والجوف ومأرب ونهم وغيرها، ومحاربة الجنوب الذي تحرر من الغزو والانقلاب في أقل من مائة يوم.
وفي هذا السياق أعود لتأكيد مجموعة من الحقائق التي طالما تعرضنا لها:
وهكذا فإن نجاح مؤتمر الرياض 2 الذي من المفترض أن يكون قد بدأ أعماله اليوم ويستمر على مدى عشرة أيام مرهون بالتعاطي الجاد مع جذور المشكلة الأساسية وهي متعددة الأوجه لكن أهمها :