لم تفلح كل المساعي التي استهدفت تقسيم أبناء حضرموت بين ذوي المطالب الحقوقية والمعيشية والاقتصادية وذوي المطالب السياسية كما سعى الساعون ودبر المدبرون، فأظهرت فعالية اليوم في المكلا كما جميع الفعاليات التي شهدتها محافظة حضرموت منذ التصدي لحادثة "اغتصاب المكلا" في العام 1996م أن كل قضية حقوقية أو معيشية أو حتى جنائية لها جذرها السياسي المتصل بكل سياسات السلب والنهب والاستحواذ التي دُشِّنت منذ اجتياح الجنوب في العام 1994م
كثيرون من إدعياء التحاذُق والتشاطُر يتهمون المجلس الانتقالي بـامتطاء موجة الهبة الشعبية الحضرمية الثانية، في محاولة من هؤلاء المتحاذقين لإفراغ هذه الفعالية المباركة من بعدها السياسي وعزلها عن أسبابها التاريخية التي تعود إلى ما بعد 7/7/1994م، لكن فعالية اليوم التي شهدتها مدينة المكلا وبدعوة من القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت جاءت لتوكد أن جماهير محافظة حضرموت في الساحل وفي الوادي، في الهضبة وفي الصحراء، يمثلون كلاً واحداً لا انفصام لعراه ولا انفكاك لمفاصله، وأن مطالب أبناء حضرموت لا تقتصر على استعادة ثرواتهم المنهوبة، بل إزالة الأسباب التي جعلت الطفيليين والمتسلقين ولصوص الأوطان ينهبون تلك الثروات بينما أبناء حضرموت، أصحاب الحق في الثروات المنهوبة لا يعلمون كيف تستخرج ولا من يسوقها ولا كيف تُستَثمَر وأين تُستثمَر عائداتها، وكل حصتهم منها تتلخص في التلوث البيئي والأمراض المزمنة الناجمة عن العبث بالبيئة الحضرمية.
لن تحل قضية الثروات والأراضي المنهوبة في حضرموت كما في كل الجنوب، إلا بإزالة الأسباب التي صنعت ثنائيات الناهب والمنهوب، والسالب والمسلوب، وهذه الأسباب تكمن في استمرار الوصاية على حضرموت وكل الجنوب، ولن تزول هذه الأسباب إلا باستعادة الجنوبيين لدولتهم والشروع في بناء نظامهم السياسي الجديد المعبر عن كل الجنوبيين والجنوبيات من شحن حتى حنيش وزقر ومن ثمود حتى سقطرى وعبد الكوري.
لقد فعلها أبناء حضرموت وأخرسوا اليوم كل المتقولين والأدعياء والمراهنين على تفكيك الصف الحضرمي،
فشكرا لكم يا أساتذة الحكمة وفلاسفة السياسة ومعلمي الصبر والمثابرة ومدرسي الكفاح المستميت والتمسك بالحق والقبض على جمراته المتقدة.