اذا انهزمت السلطة الشرعية في الحرب مع الحوثي، فان ذلك سيعني هزيمة التحالف، وسوف تنعكس تلك الهزيمة بصورة اكبر على المملكة العربية السعودية راعية التحالف، وجارت اليمن، والممسكة بالملف السياسي اليمني.
واذا ما انهارت المناطق المحررة في اليمن اقتصاديا، ووصل الشعب الي مستوى المجاعة، وحلت الفوضى، فان المتضرر الاكبر هو المملكة العربية السعودية من نواحي عدة، لذا فان مسؤولية السعودية في الحفاظ على اليمن امنا ومتماسكا، واخراجه من الازمة منتصرا، هو انتصار للمملكة، اولا واخيرا.
يعاني اليمن اليوم من مهددات كبيرة لكيانه، وهويته، وامنه، ويعيش في مرحلة حرجة للغاية، يحتاج معها العمل الكبير، والصادق، والمركز، لانقاذه، قبل ان يتهاوى، ويسقط، ويتحول الي مهدد كبير لجيرانه، والعالم.
ولان المملكة هي الفاعل المؤثر الاكبر في الملف اليمني، والعامل الاساسي في التحالف، الذي دخل الي اليمن قبل ست سنوات دفاعا عن شرعيته، ومحاربة الانقلاب المليشاوي الايراني، الذي شن حربه على اليمنين، مستهدفا اسقاط البلد داخل المشروع الصفوي والفارسي المعادي للأمة، فان مسؤوليتها تبدو كبيرة في الايفاء بالتزاماتها في الحفاظ على اليمن، واستعادة دولته، ومؤسساته، والانتصار في المعركة مهما كلف الثمن، واعادة السلام للبلد، والذي بدوره سينعكس ايجابيا على المنطقة التي تعاني هي الاخرى من مهددات مماثلة.
يعتبر اليمن جزء من الخليج العربي، وسند كبير له، وحلقة رئيسية فيه، واذا انزلقت هذه الحلقة سوف تنفرط بقية الحلقات تباعا، وستدخل المنطقة في فوضى عارمة، وهذا مخطط قائم، ومعروف، يستهدف المنطقة، وانظمتها، وشعوبها، لانجاة منه الا باعادة توحيد الجهود، وتصويب الهدف، وتغيير قواعد اللعب باستمرار، وعدم السماح لهذا المشروع التامري بالنجاح، وافشال استفراده بكل دولة على حده، كما يحدث في اليمن اليوم، عبر حروب عسكرية، واقتصادية، وسياسية، تستهدف احتلاله، وتغير هويته، وتفكيكه.
يحتاج اليمن اليوم الي ادارة جديدة، وشابه، تمتلك مشروع وطني، وسياسي محدد، وواضح الاهداف، والمعالم، يهدف الي احداث تغيير جذري في البلاد على كافة المستويات، ويعمل على اعادة تغيير قواعد المعركة على الارض، لضمان الخروج من خانة الركود والدفاع، الي خانة الهجوم وتحقيق الانتصارات، ويقود هذا المشروع الي اعادة اقناع العالم بعدالة القضية اليمنية، واهمية المعركة ضد الانقلاب، والحصول على دعم عسكري، ومالي، وسياسي، وذلك من خلال تغيير قواعد العملية الدبلوماسية الراكدة، والفاشلة، وخلق المحفزات، والمقومات، اللازمة لنجاحها، فضلا عن ايجاد الحلول السريعة، والضامنة، لمعالجة الازمة الاقتصادية، والحفاظ على موارد البلد، وتوظيفها بعيدا عن الفساد، في دفع المرتبات، وتحريك عجلة التنمية، المتوقفة.
ولعل المملكة تدرك قبل غيرها ان جماعة الحوثي الارهابية لن ترضخ للسلام، ولن تضع السلاح، وانها ستواصل حربها لاسقاط الشمال كله تحت قبضتها، وربما تفكر بالعودة للجنوب مرة اخرى، وهذا يتطلب اعادة توحيد كل جهود القوى السياسية، والاجتماعية اليمنية، صوب المعركة، وليس بعثرتها، وتشتيتها، واعتقد ان هذا يبدأ اولا من دعم تطبيق اتفاق الرياض، بكافة حذافيره، وينوده، وتحقيق الامن، والاستقرار في المناطق المحررة، وضمان حل سياسي عادل للقضية الجنوبية، يرضي الجنوبين، ومن ثم توظيف جهود كافة القوى جنوبا وشمالا المناهضة لمشروع الانقلاب، لحسم المعركة، وازلة الخطر الداهم الذي يتهدد اليمن، والمملكة، والمنطقة.
من غير المنطقي ان توفر المملكة الحماية، والحاضنة، لسلطة فاشلة، وفاسدة، وتمدها بكل اسباب البقاء، وهي عاجزة عن العودة للبلد، والعمل من الداخل، ومعالجة القضايا المتراكمة، الاقتصادية، والخدمية، وفشلها في تحقيق اية انتصار في المعركة مع الحوثين، وهي بهذه الطريقة، والسلوك، تفقد مشروعية بقاءها، وتقود البلاد الي منحدر خطير، ورهيب.
كل الامال معلقة على المملكة، في تغيير التوجهات في التعامل مع الملف اليمني، بما يؤدي الي احداث تغيير حقبقي في اليمن، يسهم في الخروج من الأزمة الراهنة، وتوحيد الجهود، لحسم المعركة مع المليشيات الانقلابية، واعادة السلام للبلد، وتحريك عجلة التنمية من جديد، والبدء في عملية الاعمار، وتحقيق التوافق السياسي بين مختلف المكونات السياسية، لضمان توفير دعم سياسي للسلطة الجديدة، والتي ستكون ايضا بحاجة لدعم اقليمي، ودولي، للنجاح في مهامها الجسيمة، في انقاذ اليمن واستعادة دولته.
سيعود الأمن والاستقرار لليمن في يوما ما، وستنتهي الحرب، وسيتحقق السلام، والمصالحة الوطنية، وسيعود اليمن سعيدا، مزدهرا، كما كان وافضل.