حين قُــلنا أن التصدي للمتظاهرين بالرصاص في عدن قبل أيام وعدم تفهم مطالبهم كان خطأ جسيما ويتجاهل مشروعية مطالبهم وأن أسباب مبررة قد حمَــلَــتهم على النزول الى الشارع ( برغم محاولات بعض القوى استغلال تلك التظاهرات استغلال سياسي وحزبي لئيم ) ،وحين قلنا أيضاً أنّ مَــن أخرجَ هذه الجموع التي تفترش جوعها وتلتحف أوجاعها هو المعاناة والفقر والغلاء والبؤس وفساد الفاسدين وعبث العابثين، لم نكن ننطلق حينها إلّا من انحيازنا الى جانب هؤلاء البسطاء والضحايا الذين نحن منهم، وهمّـنا من همهم، ومعانتهم من معاناتنا، ومصيرنا ووطننا ذات المصير والوطن, ولم نكن نستهدف بنقدنا أحد استهدافنا أنانيا أو لحسابات ذاتية لجهة ضد أخرى، فها نحـــنُ اليوم نقولها بذات الصوت ولنفس الغاية : أن قمع التظاهرات في حضرموت الوادي" سيئون" يمثّــل خطأ جسيما وتصرفا أحمق ويستهدف هذه الجموع المسحوقة، وأن على الأصوات التي أيّـــدَتْ المظاهرات في عدن من باب المناكفة والمزايدة ظناً أن بوسعها تــجّـيـير تلك الاحتجاجات تجييراً حزبياً وسياسياً ونفعيا أن لا تبلع ألسنتها وتصمُّ آذانها اليوم إزاء ما جرى في سيئون، بل أن تفتح شدقيها الى النهاية تنديدا بسلوك وهمجية قوات المنطقة العسكرية الأولى في سيئون التي لم تترد لحظة في قمع الاحتجاجات هناك إن كانت تلك الأصوات صادقة بما قالته في احتجاجات عدن ، وإلّا فعليها أن تصمت وتتوارى خلف الحجب، فأوجاع الناس لا تصلح للمتاجرة ببازار الساسة أو بسوق النخاسة الحزبية او التكسب النفعي الشخصي، وأن تُقلــِع عن شراء مزيدا من ذمم الأصوات والمنابر الإعلامية والصحفية أو شُـقاة برامج التواصل الاجتماعي الذين ستوعزِ لهم مهمة تبرير ما جرى في سيئون- وغير سيئون- فحريّا بهذه الأحزاب وهذه القوى السياسية ومن تستأجرهم للنواح على الأوضاع في عدن ولتبرير الجرائم والمآسي في مناطق أخرى، وهي - أي الاحزاب والقوى السياسية- أصلاً من صنـَــعَ ويصنع مآسي الناس يوما بعد يوم منذ عقود، حريّاً بها أن تكف أذاها عن الناس وتصمت ولو صمت القبور إن لم تستطع رفع مظلمة أو إعادة حق منهوب او انتزاع لقمة الجياع من أفواه اللصوص والحرامية ،أو قول كلمة حق بدلاً من أسلوب انتقاء التضامن مع الضحايا بحسب الطقس السياسي و تبعا للمصلحة الحزبية والسياسية والشخصية، أو غضه عنها تبعاً لذات المصلحة.