دخل النبي صلوات ربي وسلامه عليه مكة فاتحاً
فأطلق العبارة الخالدة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء!"
يا للجمال، لقد أصدر قانون العفو العام بحق كل من أجرموا بحق المسلمين. (انتهت القصة).
لحظة:
كيف جاء هذا العفو؟ ومن أين استمد قوته، وكيف للعفو أن يكون قوة في ذاته؟ لذا أدعوك لتعود للخلف قليلاً لتفهم الأحداث التي سبقته.
قبل دخول الجيش لمكة، أرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا سفيان ليخاطب أهل مكة بقانون وشعار آخر مضمونه:
"من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن"
ياللعجب!
فهو قبل أن يطلق قانون العفو العام، أولاً تمكّن من كل خصومه وأعداءه، وسلبهم كل نقاط قوتهم، لذا كان العفو قوياً: "العفو عند المقدرة".
ثم أصدر قانوناً أمنياً حازماً فيما يشبه اليوم بقانون (حظر التجوال) أراد النبي من خلاله تعليمنا درساً مهماً في ضبط الأمن وتنظيمه عند اشتداد الأزمات والمخاطر.
فأمر جميع أهل مكة أن يلزموا البقاء في البيوت خاصة مَن يُتوقع منه أي إخلال بالسكينة العامة أو الإضرار بسلامة القوات المقيمة في مكة تجنباً لإراقة الدماء، وحتى لا يعرّض قوات المسلمين للخطر نتيجة الاحتكاكات التي قد تحصل في ظل حركة القوات وسط مجتمع لم يتقبلهم، أو بعض أفراد ممن لم يسلموا ولا زالت صدورهم مليئة بالكراهية لجيش المسلمين.
تذكرت هذا الأمر وأنا أشاهد عودة تلك العناصر إلى عدن دون ضوابط ولا موانع، لتسرح وتمرح وتتحرك بأريحيتها وتمارس أنشطتها المشبوهة مجدداً في ظل الارتباك الحاصل في المشهد السياسي والعسكري في الجنوب وعدن على وجه الخصوص!
فالعفو لا معنى له طالما شعر خصمك بأنه أقوى منك.
ولا قيمة للتسامح كذلك إن لم يصاحبه حزم يكبح جماح رغباتهم في تكرار أفعالهم الدموية.
فالحزم مطلوب في هذه الظروف! وهو خير وسيلة لتحقيق العفو الحقيقي الذي يكسر شوكة المعتدي ويطمئن قلب صاحب الحق!
فهل سيتعلم قادتنا هذا الدرس، أم لا؟