حين يتأمل احدنا صورة الواقع في الجنوب يلحظ، بما لا تخطئه عين مراقب، أن هناك وحدة في القاعدة وتمزق في الأعلى، وبنفس القدر، هناك معاناة وشظف عيش في القاعدة وترف، يفوق التصور، لدى الرموز.
قياسا على ذلك يمكن القول أن المعاناة التي عصفت بالناس في الجنوب منذ 1994م قد جعلت المواطن الجنوبي يتجاوز آثار الصراعات ويلتقي على قاعدة التصالح والتسامح فيما غياب هذه المعاناة وترف العيش، الذي يرفل فيه من أوصلونا إلى ما نحن فيه، يجعلهم غير قادرين على تجاوز ماضيهم البائس ويصرون على العودة بنا إلى المربع الأول.
هناك رموز جنوبية تفرض علينا الانحناء احتراما وتقديرا يقع في مقدمة هؤلاء عطر الذكر هشام محمد باشراحيل رحمة الله عليه , أبو القضية الجنوبية والداعم لحراكها الميداني وان كانت هناك من رموز جنوبية داعمة, نعرفهم بالاسم, فقد كان ذلك يتم من خلال هشام باشراحيل طيب الله ثراه وجزاه عن الجنوب والجنوبيين خيرا , ولم نسمع أن احد منهم طلب تمجيده أو رفع صورته في فعاليات الجنوبيين .
وهناك رموز جنوبية وقفت وساندت أبناء الجنوب بصور مختلفة أما الأكثرية فقد كانت أبوابها موصدة في وجه أي جنوبي ولم نسمع لها صوتا إلا بعد أن سالت دماء أبناء الجنوب الأبطال في سهول الجنوب وفي شوارع المدن الجنوبية حتى أن بعضهم لم يصدق أن هناك ثورة في الجنوب إلا بعد أن رأى شباب وشابات الجنوب يواجهوا الدبابات بصدور عارية ويعتلون الجبال في مشاهد اقرب إلى مشاهد الحجيج على صعيد عرفات الطاهر.
لقد كان ظهور بعض الرموز الجنوبية كارثيا على وحدة الصف الجنوبي وكما في كل زمان ومكان فقد وجدوا كثيرا من حاملي المباخر وطبالي الزفة أصبحنا معها لا ندري هل نبحث عن وطن أو عن وظائف للرؤساء.
تصالحوا كما تصالحنا وتجاوزنا آثار الصراعات أو عودوا إلى جحوركم فالتاريخ لا يصنعه المترفون وحاملي مباخرهم وإنما تصنعه البطون الخاوية والأقدام العارية من أولائك الذين لا يدرون ما يحمله الغد، أيكونون في بيوتهم أم في السجون أم شهداء تحت الثراء؟.