(حديث الأربعاء ) وستبقى الكلمة سلاحنا الوحيد ! - أحمد عمر بن فريد
تساءل الكثير من الأصدقاء بعتاب شديد عن أسباب , و دواعي الغياب عن المشهد السياسي الجنوبي بشكل عام والإعلامي بشكل خاص خلال الفترة القصيرة الماضية .. وفي حقيقة الأمر انه ما من إنسان على وجه هذه البسيطة الا و يمر بمرحلة قد تطول وقد تقصر – لا يمكن تبريرها ذاتيا - يشعر فيها برغبة في التوقف والاكتفاء بمراقبة المسرح ومايدور على أرضيته من مواقف ومشاهد وأحداث , ليتعرف أكثر على مسار الأمور , وما يمكن ان تنتهي إليه وفقا لما يدور ووفقا لمن يلعب ادوار " استثنائية " في هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ شعبنا في الجنوب .
ومن جانب آخر أجدني ملزما بالبوح عن شعوري في هذه المرحلة بحالة من " القرف " وفقا لما أشاهده من موقع المراقبة هذا من مواقف وصراعات غير منظورة بين مختلف الأطراف الجنوبية دون وجود مبررات مقنعة تتجاوز الأسباب الذاتية او النرجسية الشخصية والطموحات " العجاوزية " في أحسن الأحوال , والأدهى والأمر من كل ذلك هو شعورنا ان لا أحدا من أبناء الجنوب يبدي نوعا ولو ضئيلا من المقدرة على استيعاب الماضي والتصرف مع " الآخر الجنوبي " بعقلية وسلوك يدل فعليا على هذا الاستيعاب الذي طالما اعتبرناه أساس النجاح للجنوبيين في إي مرحلة من مراحل النضال السلمي التحريري
أن يخطئ المرء للمرة الأولى نتيجة لقلة الخبرة او لانعدام الحكمة أو لخطأ في الحسابات السياسية بمختلف اتجاهاتها , فذلك شئ ممكن قبوله وإيجاد العذر والمبرر له , لكن ان يكرر نفس الأشخاص او نفس الفريق ذات الأخطاء مرة أخرى بعد ان دفع " غيرهم " ثمنها غاليا فذلك شيئا اقرب ما يكون إلى حالة من العبث والاستهتار أو" الهلوسة " او" المراهقة السياسية المتأخرة " ان جاز التعبير !
يقول مثل فرنسي " ان نفس الأسباب تعطي نفس النتائج " .. أنها عبارة بسيطة في مظهرها ولكنها عميقة في معناها ودلالتها ومنطقيتها ايضا , وهي عبارة اقرب ما تكون إلى المعادلة الرياضية التي تتعامل مع الأرقام وتقدمها للقارئ ك" حقيقة " لا تقبل ان يشكك في نتيجتها احد .. وإذا ما استعرنا هذا المثل الممتلئ بالحكمة واسقطاناه على واقعنا في الجنوب لوجدنا أنها الحكمة التي تدق ناقوس الخطر بالمجان لنا جميعا بدون استثناء , وهي بصورة أوضح تقول لنا إنني أشاهد أمامي " نفس الأسباب " التي مارستموها بغباء وحماقة أيها الجنوبيون في ستينات القرن الماضي أثناء مسيرتكم النضالية الأولى للخلاص من الاستعمار الأول , وها أنتم اليوم بغباء منقطع النظير تعيدون ممارسة هذه الأسباب مرة أخرى تجاه بعضكم , وعلى نفس المسرح السياسي وبنفس الأدوات السابقة ... فماذا تتوقعون من نتائج بالله عليكم ؟!!
في هذه المرحلة التي اشعر فيها فعليا بالقرف مما يدور ويحدث على الساحة الجنوبية وما يمكن ان يتمخض عنه من نتائج كارثية , قررت ان أساهم بما املك في يدي وبما هو متاح لي شخصيا من سلاح حتى ولو كان غير فعالا مقارنة بما يملكه " الآخرون " من أسلحة دمار شامل .. إنني لا امتلك الا سلاح الكلمة وقول كلمة الحق , والتي سوف اصدح بها كل يوم أربعاء كما تعود الناس مني خلال مرحلة البداية في جريدة العملاق الذي رحل .. هشام محمد علي باشراحيل ( الأيام ) .
إذا .. سأعاود الكتابة في زاوية ( حديث الأربعاء ) من كل أسبوع على صفحات جريدة الشاب الطموح فتحي بن لزرق ( عدن الغد ) .. على ان أتناول بعض القضايا بعمق من حين إلى آخر في زاوية أخرى وفي يوم آخر .
عن صحيفة "عدن الغد" الورقية