الحوثيون يكررون الاندفاع جنوباً، متناسين هزيمتهم المرة في عام 2015م حينما دفع بهم الرئيس المغدور إلى محارقهم في الجنوب، لكي يتخلص منهم ويكونوا كبش فداء، لكنهم تغدوا به قبل أن يتعشاهم، حينما أدركوا مكره..
يتكرر المشهد الآن، مع قوى النفوذ الشمالية مجتمعة بكل أطيافها مؤتمرية-إصلاحية-قبلية، وبما فيها المتشرعنة وعلى رأسها الجنرال العجوز علي محسن الأحمر، راعي الإرهاب منذ 94م، والضليع بتأخير معركة الحسم على مشارف صنعاء بمبررات يسوغها للتحالف، فيما تتكدس قوات عسكرية كبيرة في مأرب لم تحرك ساكناً، ناهيك أن تحقق نصراً يذكر مقارنة بما تحقق في الجنوب وفي جبهة الساحل الغربي، وكأنه بذلك قد أعطى الأمان للحوثيين بأن لا خوف عليهم من تلك الجيوش الإخوانية المتكدسة في مأرب وغيرها، وأن على الحوثيين الاتجاه جنوباً، خاصة بعد أن سُلمت لهم بعض الجبهات عن عمد من قيادات أخوانية.
وها هم الحوثيون يقعون بالفخ (الإخواني) اليوم، الشبيه بالفخ (العفاشي) بالأمس، ويلقون بأنفسهم مجدداً في تهلكة (المحرقة الجنوبية) التي صهرتهم في أتون نيرانها عام 2015م، وشتان بين الأمس واليوم، فالمقاومة الجنوبية حينها كانت عفوية ولا تمتلك أية سلاح أو قوة منظمة، واندفع ابطالها يقاتلون بأسلحتهم الشخصية على شحتها، حتى أنهم كانوا يتناوبون على استخدام الكلاشنكوف في الجبهات..أما أليوم فاالجنوب غير، وهو يمتلك قواته المتنوعة المدربة والمجهزة من قبل التحالف العربي ولن يفرط بالانتصارات التي حققها.
كما أن العقيد (شيول) الذي جرف جثث زنابيلهم الجماعية في جبهات الضالع عام 2015مم يتشوق لاستئناف عمله ووصول زبائنه على أحر من الجمر.. ومع ذلك فأن أبطال المقاومة الجنوبية والحزام الأمني وفروا عليه الجهد، وهاهم يجندلون جحافل الحوثيين بالعشرات ممن يلقون حتفهم في كل المواقع التي يحاولون التسلل منها لاستعادة المناطق التي تم تحريرها منهم، فضلا عن أسر العشرات منهم.. ولعل الحوثيون قد أدركوا أنهم يتلقون الآن ضربات أقسى وأمر وأن خسائرهم مضاعفة وتفوق ما لحق بهم من قبل..وبالمقابل فأن القوى الأخوانية التي دفعتهم إلى هذه الحماقة تتلذذ بالمصير المشؤم الذي يلقاه الحوثيون ، فهدف تلك القوى هو انهاك الحوثي على الحدود مع الجنوب التي سبق لها أن كسرت شوكته وأرغمته صاغرا على الرحيل يجر أذيال هزائمه المرة، فيما تعد تلك القوى عدتها للانقضاض عليه من الداخل بطريقة ناعمة وفي اللحظة المناسبة، كما هو عهدها في تحالفاتها الظاهرة والخفية، لإدراكها أن القتال ينهك الحوثي ويستنزف قوام عناصره المقاتلة..أما الجنوب فهم يعرفون جيداً أنه قد حسم أمره وأعد عدته لردع كل من يتطاول على ترابه، وهو اليوم أقوى وأشد باساً وفي شراكة حقيقية مع الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، وهذا ما تجسد منذ اللحظات الأولى لعاصفة الحزم، وعمد بالدماء والتضحيات المشتركة، ويتجدد اليوم من خلال الزيارات الميدانية الأخيرة لخطوط المواجهات في الضالع وكرش من قبل قيادة التحالف العربي التي تحمل رسائل بالغة الدلالة في توقيتها وأبعادها وفي مواصلة الدعم السخي ليس فقط لحماية النصر المحقق في المناطق الجنوبية المحررة وإنما لاستكمال تحرير ما تبقى من مناطق تحت سيطرة الحوثيين..
والجنوبيون يحمل لهم شهر رمضان المبارك بشائر النصر.. وما زلنا في بدايته وفي انتظار النصر المبين الذي يذكرنا بانتصار 2015م....
عدن