منذ حرب صيف 1994م، التي أجهضت مشروع الوحدة الطوعية وحولت الدولة الجنوبية إلى غنيمة حرب، وشعبنا الجنوبي لم يتوقف عن نضاله الحافل بالتضحيات من أجل استعادة دولته، ورفع منذ انطلاق الثورة السلمية الجنوبية عام 2007م، شعار "استعادة الدولة"، بحدودها المعروفة قبل عام 1990م، وهي حدود دولية ثابتة وموثقة ومعترف بها، لا خلاف ولا إشكال عليها ظل هذا الهدف واضحاً وثابتاً في ضمير الجماهير الجنوبية التي قدّمت التضحيات، وأقامت الفعاليات، وتحملت القمع والإقصاء، وهي مؤمنة بأن استعادة الدولة هو الطريق الوحيد نحو الكرامة والعدالة والسيادة.
لذلك، من الأهمية بمكان أن تظل قيادتنا السياسية متمسكة بهذا الهدف الواضح دون أن تنجرف وراء الأوهام أو الأحلام الواسعة التي تتجاوز حدود الممكن والواقعي. فالمعركة الحقيقية اليوم هي استعادة دولتنا الجنوبية بحدودها التاريخية المعترف بها دولياً، لا أكثر ولا أقل.
فكل توسع في الطموح قبل تحقيق هذا الهدف الأساسي، يشبه حال ذلك الرجل الذي أخرج رأسه من النافذة في ليلة القدر وتمنى أن يكبر رأسه، فاستجيب له، لكن حين كبر رأسه لم يستطع إخراجه من النافذة، وتحوّل حلمه إلى معاناة، وتمنى أن يرجع رأسه كما كان.
وهكذا هي الأحلام غير الواقعية، تبدأ برغبة طيبة وتنتهي بعقبات لا حصر لها.
إن نصيحتنا الصادقة لقيادتنا السياسية اليوم هي أن تضع نصب عينيها حدود دولتنا الجنوبية كما كانت عشية 21 مايو 1990م، فهذه هي أرضنا وتاريخنا وهويتنا، وعليها ارتوت دماء شهدائنا منذ الاستقلال الأول في 30 نوفمبر 1967م وحتى اليوم.
فلنُنجز أولاً استعادة دولتنا على كامل ترابنا الوطني المعروف والمحدّد من المهرة إلى باب المندب، وبعدها لكل حادث حديث، فالسياسة الواقعية لا تبدأ من الأحلام البعيدة، بل من تحقيق الممكن والمستحق والمشروع.
إننا نثق أن التمسك بالثوابت هو الضمان الحقيقي للنصر، وأن الواقعية السياسية لا تعني التنازل، بل تعني الثبات على الأهداف الممكنة والمشروعة التي يستند إليها الحق والتاريخ معاً.
فلنكن على قدر تضحياتنا، ولنجعل شعارنا واضحاً (استعادة دولتنا الجنوبية)بحدودها التاريخية قبل عام 1990م، أولاً وأساساً، ثم بعد ذلك لكل مرحلة رؤيتها وخياراتها.
د.علي صالح الخلاقي
7 أكتوبر 2025م