خوفاً على الوحدة لا سعياً للانفصال

2013-04-18 05:35

تلقيت الكثير من الاتصالات بعد نشر مقالي السابق والذي كان بعنوان " الجنوبيون يقعون في الفخ مجدداً " والذي نشر على جزئين, لاحظت من مجمل الاتصالات والتعليقات داخل مؤتمر الحوار وخارجه ان هناك رأيين, الأول يتهمني بتحريض الجنوبيين على ترك الحوار اذا لم يتم تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة وحدة وطنية, والثاني يعبر عن اعجابه بالمقال.

من ناحية المبدأ فلا مصلحة لي في الانفصال أو في فشل الحوار, بل ان مصلحتي النابعة من مصلحة اليمن هي في أن تستمر الوحدة, لكن السؤال هو : ما الذي يمكننا عمله لكي تستمر الوحدة؟

هلل الكثير شمالاً وجنوباً للوحدة في العام 1990م, لكن الالتفاف على اتفاقيتها و خوض حرب 94م تحت شعارها أفقدها مضمونها وأهدافها التي ناضل اليمنيون من أجلها لعدة عقود, ووصل الحال إلى أن اصبحت الوحدوية تهمة في الجنوب, بل إن البعض لم يتبرأ من الوحدة فقط بل تبرأ من الهوية اليمنية, لأن كلمة الوحدة تقترن دائماً باليمنية " الوحدة اليمنية ".

هلل الكثير للديمقراطية والتعددية السياسية, ثم تم افراغها من محتواها وجُعل منها شماعة لإعادة انتخاب الحاكم والتجديد له, ووصل الأمر الى أن سعى الرئيس السابق صالح الى توريث ابنة وعبر الصندوق.

الآن يبشرنا الكثيرين بالفدرالية, وأنها الحل السحري لليمن للخروج به من الأزمات والحروب التي عصفت به طوال العقود الماضية, واعتبروا الحوار الوطني هو المدخل للوصول الى الفدرالية, لذلك أصبح الحوار الوطني مقدساً كما كانت الوحدة مقدسةً, وتم فرز الناس بين وحدوي وانفصالي, واليوم يتم الفرز على اساس من مع الحوار ومن ضده, لم تكن المعركة في 94م على الوحدة انما كانت على السلطة في دولة الوحدة, وكان هناك طرف انقلب على عقد الشراكة, كذلك المعركة اليوم ليست بين مؤيد ومعارض للحوار, بل بين مؤيد للحوار بدون تهيئة و مؤيد للحوار يشترط التهيئة, ومن يشترط التهيئة أحرص على نجاح الحوار وبالتالي أحرص على بقاء اليمن موحداً.

أفقدنا الوحدة جمالها وحب الناس لها, و اذا لم يتم الاعداد لمسألة الفدرالية بشكل علمي ومدروس, أو اذا تم تأسيسها على يد نفس المراكز التي شوهت بالوحدة وأفتت بقتلها في نفوس الناس, أخاف أن يكره الناس الفدرالية أيضاً وبالتالي فستنتهي الخيارات أمامنا وسيكون الانفصال هو البند الحاضر والوحيد في أي حوار جديد.

الساعين الى كلفتت الحوار وبالتالي كلفتت الفدرالية والسعي الى الانتخابات القادمة, التي سيتخدمون كل أدوات السلطة - عبر الحكومة الحالية - ليتمكنوا من الاستحواذ على نتائجها وفي كل الأقاليم, هم أنفسهم من كلفت الوحدة منذ التوقيع عليها حتى حرب 94م.

عندما احرض الجنوبيين على أن يكونوا حذرين هذه المرة وأن يرفضوا استمرار الحوار أو الانتقال الى الفدرالية وهم خارج السلطة والثروة, فأنا أحرضهم على الوحدة لا على الانفصال, لأن تشكيل حكومة جديدة يكون أول بند في جدول أعمالها هو تطبيق النقاط العشرين والإشراف على المرحلة الحالية والى ما قبل الحوار, سيؤدي الى أن تدخل كل الأطراف الانتخابات القادمة وهم على مسافة واحدة من السلطة والثروة في حالة تم تشكيل حكومة تكنوقراط, أو شركاء في السلطة والثروة في حكومة الوحدة الوطنية الموسعة, وفي كلتا الحالتين فلن يتمكن أي طرف من تجيير الانتخابات لصالحة مستخدما إمكانات الدولة, وبالتالي فلن يجد أي طرف عذراً للتراجع عن ما سبق وتم الاتفاق عليه.

لكن عندما تستمر الحكومة الحالية ويجد أبناء الجنوب أن الفدرالية أنتجت لهم نفس مراكز القوى التقليدية في اقاليمهم وإن بغطاء من أسماء جنوبية, فلن يكون أمامهم إلا المطالبة بالانفصال, ولن نجد نحن الوحدويون في الشمال أي خيار لندعوهم الى تجربته, لأن الفدرالية أخر كرت يمكن أن نستخدمه, ولا يوجد كرت آخر بينه وبين الانفصال.