لا أحد يستطيع التقليل من أهمية القرارات التي اصدرها الرئيس هادي مؤخراً, خصوصاً أنها كانت واضحة في تغيير أهم القيادات التي سببت انقسام الجيش.
ومع ذلك فانه من حقنا التذمر من الثمن الذي دفع لهؤلاء القادة ليوافقوا على قبول تلك القرارات, فآلاف المرافقين و عشرات الملايين من الاعتماد الشهري وغيرها من النفقات تثير الكثير من علامات الاستفهام, اضافة الى أن قائمة الأسماء الذين تم تعيينهم بدلاً عنهم توضح أن الكثير منهم محسوبين على الطرفين وهذا بدوره سيمدد الانقسام الى أجل غير معروف.
يمكن أن نتفهم دوافع الرئيس هادي لتمرير الصفقة, وبهذا الثمن, لكن يجب التعامل مع هذا الوضع على أنه مؤقت وأن هناك المزيد من القرارات التي ستصحح هذا الخلل في المستقبل القريب وتحديداً قبل الانتخابات القادمة حتى لا تتمكن تلك العناصر من تجيير كل تلك الامتيازات لإعادة انتاج نفسها وعبر الآلية الديمقراطية.
كما أن نقل الفرقة الأولى مدرع الى عمران لتنضم الى بقية الألوية التي سبقتها مثل لواء العمالقة وغيره يوحي بأن الصفقة أكبر وأبعد من مجرد منح تلك القيادات كل تلك الامتيازات السابق ذكرها, بل أنها قد تصل الى اقتسام الجيش ليس على مستوى القادة فقط انما على مستوى الأسلحة الثقيلة, فلا يوجد مبرر لتواجد كل تلك الألوية في عمران, خصوصاً أنه لا يمكن الادعاء أن ذلك بغرض منع عمليات التقطع, فتمركز كل تلك الوحدات لم يمنع تلك التجاوزات, وهذا يثبت أن ذلك الحشد الكثيف من الآليات العسكرية الثقيلة والبشرية في تلك المنطقة القريبة من صنعاء له أهداف بعيدة المدى تخدم تلك القوى المناطقية, وتساعدها على فرض أية خيارات مستقبلية لهم قد تتناقض مع مشروع بناء الدولة.
وإذا ما أضفنا المطالب المالية – 40 مليون دولار - التي بدأ يروجها بعض المحسوبين على أحد القيادات المعزولة, زاعماً أنه استدانها لتمويل الثورة, وأن ذلك القائد تعرض للإحراج عند مطالبة أحد التجار له بمبلغ 5 مليون دولار مسبباً له حرجاً شديداً, فإننا يمكن أن نستنتج أن تلك الشخصيات ستتمادى في مطالبها, التي وصلت لحد المطالبة ب " نقل قدم " مقابل ترك تلك المواقع, ولن يوقفها عن ذلك إلا التلويح بإلغاء الحصانة وتفعيل قانون " من أين لك هذا ".
وفي الأخير يجب أن ندعم الرئيس هادي ونشد على يده لاتخاذه مثل تلك القرارات التي سيساهم التطبيق العملي لها في تعزيز الثقة بقيادته للمرحلة, وهذا لا يتناقض مع النقد الذي نوجهه لبعض التفاصيل, ولا يتناقض أيضاً مع مطالبنا بتصحيح الأخطاء – الاجبارية – التي في القرارات.
وفي الأخير يجب أن نعرف أن المدخل الحقيقي لتوحيد الجيش ليس استبدال أسماء بأسماء جديدة من نفس عجينة الفساد والمحسوبية, إنما بإرساء عقيدة وطنية موحدة لكل منتسبيه وبتعيينات تعتمد على المعايير العسكرية المعمول بها في أحدث جيوش العالم.
علي البخيتي