دأبت كل الاحزاب والتيارات الجنوبية على استغلال معادلة التركيبة الإجتماعية للشعب في الجنوب ذات الجذور القبلية والارتباط المناطقي استغلالا سيئاً في الصراعات السياسية ومحاربة الإخوة الخصوم متجاهلة مدى خطورة تلك الحسابات على تمزيق وتفكيك النسيج الإجتماعي وتعميق ثقافة الكراهية بين مختلف شرائح الشعب .
إن تلك الحسابات الخاطئة المبنية على المصلحة الحزبية والإستئثار بالسلطة والتسلط وإقصاء الآخرين لن تبني بلدا ولن تستطيع أن تقدم مجتمعا راقيا متقدما بل ستعمل على خلخلة النسيج الاجتماعي ونشر الفكر المناطقي المتخلف الذي تسبب في مآسي كبيرة في الماضي لازال شعب الجنوب يعاني منها .
نحن كلنا ننتمي الى القبيلة والمنطقة وكذلك الاحزاب والتيارات السياسية وهذا ليس خطأ ولا عيب ولكن الملاحظ انه في كل الازمات الداخلية بين الفرقاء السياسيبن في الجنوب يلعب المتخاصمون على المتناقضات واثارة النعرات القبلية والمناطقية والعرقية لخدمة مصلحة طرف ضد آخر والكارثة أن بعض المتخاصمين يجيدون استخدام كافة اوراق اللعبة بمهارة عالية للعمل على إضعاف الخصم ولا يهتم بنتائج افعاله التي تنسف اللحمة بين الجنوبيين وان الشعب هو الضحية .
نحن شعب نسبة الجهل فيه مرتفعه وانصاف المتعلمين كثر ونحن مجتمع قبلي وعشائري ومناطقي متخلف واللعب على متناقضات شعب هذه صفته خطير وكارثي في الحاضر والمستقبل لذلك فإن اقحامه في الصراعات الحزبية سيكون فيه الهلاك لاشك .
في الآونة الاخيرة شاهدنا ايادي خفية تقوم بحملات مناطقية تحت عناوين شبه حزبية تنبش الماضي المأساوي وتقحم القبيلة في الصراعات السياسية وتوزع التهم والتخوين حسب الأهواء .
وقد دأبت تلك القوى والايادي على اللعب بهذه التناقضات . ويعتمد نجاح هذه اللعبة على مدى تاثير تلك القوى في الساحة ومدى توفر الارضية الخصبة والحاضنة الشعبية الكارهة لتصرفات بعض التيارات المعارضة التي لاتجيد استغلال تلك التناقضات لصالحها مما ينعكس عليها سلبا ويضعها في موقف ضعيف أمام الخصوم .
لا احد يستطيع الإنكار أن البيئة الجنوبية وقواها السياسية جميعها تعتمد الى حد كبير على البعد القبلي والمناطقي اكثر من الإعتماد على الإنتماء الحزبي (ماعدى الاحزاب العقائدية مثل حزب الإصلاح) مما يجعلها سهلة الإختراق وبث الفرقة في المجتمع على اساس مناطقي وقبلي .
ولقد كثر في هذه الايام استخدام مايسمى ( الذباب الإكتروني ) في مواقع التواصل لنشر الاشاعات والأخبار الكاذبة لاختراق المجتمع وتقسيمه تقسيما مناطقيا دون وعي او ادراك من المتلقي لما يسببه من ضرر على المحتمع نفسه ويزرع بذور الفرقة بين ابناء الشعب في المستقبل .
كل هذا سببه انتشار الأمية المعرفية وضحالة الثقافة وتصحر الفكر لدى بعض (إن لم يكن معظم) مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي وهي السبيل الأمثل لتمرير الإشاعات والتحريض وتعميق ثقافة الكراهية عن طريق خاصية النسخ واللصق والترويج للمنشورات المشبوهة جهلا بما تحويه من سموم وعدم معرفة الهدف منها . وللعلم أن معظم تلك المنشورات تقوم بنشرها حسابات وهمية تتبع جهات سياسية معينة , ويتلقفها الأغبياء ويقومون بإعادة النشر والتوزيع والترويج جهلا بمعرفة مضامين تلك المنشورات ومدى ضررها على المجتمع الجنوبي .
اننا نناشد الفرقاء في الساحة الجنوبية عدم استخدام تلك الحسابات الخاطئة في المعادلة الجنوبية المجتمعية والنأي بالقبيلة والمنطقة عن اي صراع سياسي للحفاظ على التركيبة الاجتماعية والتعايش القبلي والقبول بالآخر .
كما أن اللجوء الى مواقع التواصل الاجتماعي التي اصبحت الخطر الأكبر الذي يهدد المجتمع في نشر الفرقة وارساء ثقافة المناطقية والتخوين بحسب الجهة او القبيلة والمنطقة خطير جدا سيكتوي بناره الجميع . وعلى كل الجهات والاحزاب والتيارات الحفاظ على اللحمة الجنوبية وعدم تسييس المجتمع وتجنيب العامة شئون السياسة والصراعات الحزبية.
والله من وراء القصد
والسلام عليكم
19/10/2018