دون مقدمة سنتكلم في هذا المقال عن نقطتين هامتين في المشهد اليمني هما :
1_ استمرار الحرب دون بارقة امل في اقتراب نهايتها .
2_ قضية الجنوب وكيف سيكون مصيرها في ظل المواقف الغير واضحة .
1/1 استمرار الحرب :
... ثلاث سنوات وخمسه اشهر والبلاد تعيش اجواء الحرب والدمار والدم فلا حوثي هزم ولا تحالف انتصر والخاسر هو الشعب الذي دفع الثمن باهضا في تلك الحرب القذرة من دماءه وممتلكاته وعيشه ولم يجني إلا مزيدا من الثكل واليتم والدمار والى الان لا تظهر اي نتيجة حاسمة للحرب قريبا !
وعندما نقول دون نتيجة نعني ان الحرب لم تحقق الهدف والشعار المرفوع وهو القضاء على الإنقلاب وعودة الشرعية الى صنعاء ، او فرض أمر واقع يجبر المليشيات على الرضوخ وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 الذي ينص على تسليم السلاح والانسحاب من المدن !!؟؟
والنتيجة انه بعد هذه السنين من الحرب لا زالت المليشيات تسيطر على كل الشمال ماعدى بعض محافظة مأرب وأجزاء بسيطة من محافظات اخرى يتبادلون السيطرة عليها وهذا شيء لا يخفى على احد ويدل على احد أمرين :
الأول / عدم قدرة التحالف والشرعية على هزيمة المليشيات الحوثية لما تملكه من قوة وعتاد عسكري ودعم مستمر يبقيها صامدة قوية لفترة اطول .. او ان هناك ضغط دولي على التحالف يمنعه من احداث اختراق عسكري للسيطرة على صنعاء والحديدة وإنهاء الانقلاب .
الثاني / الحاضنة الشعبية والإلتفاف الجماهيري الذي تحضى به المليشيات في صنعاء وبقية المحافظات الشمالية وهو الرافد الاساسي الذي لا ينقطع من الرجال والمال الذي سيطيل أمد الحرب ويحولها الى حرب استنزاف .
لنكن صريحين وواضحين فيما نكتب ونقول الحقيقة أن هذين السببين احدهما او كلاهما هو الذي ادى الى اطالة الحرب . وقد تكون هناك اسباب اخرى لانعلمها ولكن الذي نفهمه ان الحرب ستطول والكارثة والمجاعة ستعم البلاد والله اعلم .
ومما لاشك فيه ان دول التحالف عندها الخبر اليقين حول اطالة امد الحرب والسبب في عدم حسمها خلال الفترة الماضية ، لأننا نعلم ان ساعة الصفر وابتداء المعركة يكون معلوم بالتاريخ والساعة والدقيقة اما نهايتها لا يعلمها الا الله وهذه حقيقة لاتقبل النقاش .
لكن مع استمرار الحرب التي انهكت المواطن ودمرت بلاده وجوعته واحزنته لم يعد الكثير من الناس يهتمون بهزيمة المليشيات او انتصار تحالف دعم الشرعية لان الحرب والجوع والاحزان لم تترك للمواطن حتى مجرد التفكير فيها لأن همه الكبير كيف يدبر لقمة العيش لأولاده بعد مصيبة الحرب وعودة المغتربين من السعودية . وكلما طال امد الحرب سينفر منها الشعب ويتجاهلها ويحاول الابتعاد عنها والنأي بنفسه واولاده عن نارها ويستعدي من يريد استمرارها .
2/2 قضية الجنوب :
من خلال المشهد الحالي يظهر أن قضية الجنوب مغيبه ومبردة في الثلاجة في انتظار نهاية الحرب لتأتي بحلها ويمكن ان يتم تجاوزها في اي حل مرحلي لإنهاء حرب اليمن وهذا يشكل خطر كبير على البلاد لان تهميشها قد يعيق اي حوار او تفاهم لايقاف الحرب .
هناك مؤشرات تدل على تحول جذري في مواقف قوى التحالف للإبتعاد عن قضية الجنوب لدعم بقايا نظام عفاش لعل وعسى ان يكون البديل المقبول لشرعية عبدربه حتى يتم التحالف معه ودعمه من جديد .
كذلك هناك بوادر على التوجه لدعم بقايا النظام السابق وتشكيل قوته في ما يسمى (حراس الجمهورية ) بقيادة طارق عفاش واشراف قائد الحرس الجمهوري السابق احمد علي عفاش .
هؤلاء لم يعترفوا بشرعية هادي وفي نفس الوقت يحضون بدعم التحالف السخي !!
ومن وسط كل هذه المعمعة والتداخلات وابتعاد قوى مشاركة في التحالف عن دعم قضية الجنوب من خلال تهميش دور (المجلس الانتقالي) في الجنوب عبر استقدام ودعم قوى تابعة للشرعية واخرى مناوئه لها وفتح المجال لها لتستقوي على حساب القوى الجنوبية التي تطالب بانفصال الجنوب وعودة الدولة السابقة .
ومن الواضح ان المواقف السياسية للدول تتبع مصالحها وإنها تبحث عن حليف قوي تثق به ليحمي تلك المصالح , وهذا تقريبا لم تجده دول التحالف في القيادات الجنوبية الموجودة على الساحة او هكذا ظهر لها ، مما اضطرها الى محاولة بعث الحياة في اسرة آل عفاش ونظامهم السابق لكي يكون حليف المستقبل .. فإذا صدق هذا الظن فدول التحالف تكرر نفس اخطائها السابقة !
على الجنوبيين ان يعلموا ان الاوطان لا تأتي بالعواطف والتمنيات او الكلام المعسول في الوعود الذي يعقبه الندم . بل تأتي بالتضحية والحنكة السياسية والدهاء لكي يحصل على مايريد بأقل التكاليف .
ومن نافلة القول فإن المشهد في اليمن معقد جدا ومواقف دول التحالف اصبحت غير واضحة مع كثرة الإشاعات والغمز واللمز وكل ذلك بسبب عدم المقدرة على حسم الحرب في وقت اقل مما استهلكته ولا زالت مستمرة .
كما أن قضية الجنوب ربما ستربك المشهد كثيرا اذا همشت او تم تجاوزها وعلى التحالف ادراك ذلك وعدم تكرار الأخطاء السابقة في التعامل مع اليمن ومع قضية الجنوب لانها هي مفتاح حل الازمة وإنهاء الحرب .
والسلام