قضية الجنوب بين تصريحات التحالف وردود الفعل الجنوبية

2018-08-19 06:16

 

لكل حرب هدف معين تقام من اجله وتقدم التضحيات في سبيله هذا الهدف هو الحفاظ على مصالح الدول او لدرء مفاسد ومخاوف تهدد امنها واستقرارها .

ومن طبيعة الاشياء ان بدايتها تكون مقبولة الى حد ما , لما تبثة وسائل الاعلام من تجميل لوجه الحرب القبيح , ولكن مع استمرارها تظهر مناظرها المرعبة والبشعة من قتل وتدمير وتشريد وخراب ,  عندها يتحول ذلك القبول الى رفض واستنكار  محلي ودولي يؤثر على سير المعركة ونتائجها .

وغالبا ما يكون الموقف الدولي المناهض للحرب هو الموقف الأقوى لانه  يضغط من اجل ايقافها بغض النظر عن الواقع الذي نتج عنها .

 

والمعروف أن  سير المعركة من انتصارات وهزائم تظل المتحكم الرئيس في المسار السياسي الموازي للحرب  ويحدد  اهداف جديدة , دائما تخالف هذه النتائج  رغبة البعض ممن تصدروا  مشهدها وقدموا  التضحيات فيها ولكنها خلطة الحرب والسياسة !! لا تأتي دائما بما تشتهي الأنفس , ولاغرابة في ذلك فلكل  حرب نتائج ولكل دولة  سياسة ومصالح تحاول الحفاظ عليها وفق  متطلبات استراتيجية تحارب تلك الدولة بإستماته من أجلها ولا تهمها مصالح الآخرين إلا في ظل الحفاظ على مصلحتها .

 

__ ونتائج حرب اليمن المستمرة ومسيرها الحالي   سيتحكم في سياسة دول التحالف . ونتائجها ستحدد مصير البلاد والأهم من هذا ان سياسة التحالف العربي  تتطلب تحالفات مع اطراف وقوى يمنية وتهميش لقوى اخرى تعتقد انها خدعت .  ولأنها السياسة فهي في تمدد وانكماش وحركة دائرية مستمرة لاتنتهي  وفق مصالح تلك الدول وضد مصالح الآخرين او متوافقة معها  .

 

وبين حين وآخر تطالعنا تصريحات لمسئولي دول التحالف بعبارات لا تعجب بعض الجنوبيين !! وهي تحصيل حاصل وعرف سياسي متعارف عليه ! واهم تلك التصريحات : أن دول التحالف تدعم وحدة اليمن وسلامة اراضيه !!.

هذا التعبير القاسي (في نظر بعض الجنوبيين)  لا نرى فيه شيء وهو من متطلبات العرف الدبلماسي وسياسة الدول . لأن قضية الجنوب موجودة واعلان انفصال الجنوب او بقاء الوحدة لن يصرح به مسئول من التحالف ولاهو من مسئوليته اصلا .

إذ لا يمكن لأي دولة عضو في التحالف أن تصرح بغير ذلك التصريح الدبلماسي (انها مع وحدة اليمن) لانها أساسا  تدخلت في اليمن من اجل دعم الشرعية اليمنية وليس من اجل فصل الجنوب !! وهذا ما يجب ان يفهمه الجميع .

 

قضية الجنوب اصبحت  واقع ملموس ومستمر وسبق وان نوقشت داخليا وخارجيا ولن تلغيها تصريحات دبلوماسية ..

 

 قضية الجنوب اليوم بحاجة الى حل يرضي كل شعب الجنوب ولابد للجميع أن يبحثوا عن هذا  الحل عن طريق  حق الشعب في تقرير مصيره واختيار ما يريده هو دون تدخل او إكراه .

 

لكننا نعتقد أن قضية خطيرة مثل تقرير المصير لشعب الجنوب يجب إسناده الى النخب الواعية من سياسيين ومثقفين وأكاديميين من الجنوبيين .  وتجنيب الشارع التدخل  في الخيارات  المصيرية التي تحدد مستقبل البلاد .

 

إن الخوف والزوبعة التي يثيرها تصريح او لقاء هنا او هناك في مواقع التواصل غير مبررة لأن المهم الواقع على الارض الذي يجب ان يتماها مع متطلبات المرحلة والمحافظة على شعرة معاوية مع كل الاطراف .

نحن نعلم ان منح حق تقرير المصير لا يمكن إلا بتوافق داخلي  وموافقة دولية واقليمية بعد ان تضع الحرب اوزارها وتنتهي .

ولهذا فلا احد يستغرب ان تتم دعوة حزب المؤتمر الشعبي للمشاركة رسميا في الحرب الى جانب التحالف بعد ان ظل حوالي 3 سنوات يقاتلهم متحالفا مع المليشيات الحوثية !! ولا احد يستغرب ان يتم الاستغناء عن قوى فاعله في الساحة واستبدالها بغيرها فرضته ظروف المرحلة ... وهكذا تستمر الحرب وتتغير السياسة !!

وهذه هي خلطة الحرب والسياسة وهذه احدى نتائجها . ومن عاش سيرى مستجدات اخرى قد لا تخطر على بال .. قد يتم التحالف مع قيادات حوثية منشقة او احزاب متحالفة معه الى الان .

 

ولأن شعار السياسيين : لاصداقة دائمة ولا عداوة دائمة فتوقعوا الأسوأ ولا تركنوا على الوعود فلن يلتفت احد الى من يقف في اخر الصف منتظرا لعل احدا يتكرم عليه بحقوقه .. مثل الاعرابي الكسول الذي جلس على التل منتظر حبيبته لتأتي  ويقول :

لعل الله يأتيني بسلمى .. !

لابد من المحاولة بكل الوسائل والسبل المشروعة للمطالبة بالحقوق فليس عيبا ان تترك الطريق الصعب الى طريق اسهل منه بشرط الوصول لنفس الهدف .

 

قال دريد بن الصمة :

إذا لم تستطع شيئآ فدعه× × وجاوزه الى ما تستطيع .