هناك من الكتاب و الصحفيين من يتلذذون في إختيار عبارة او عبارتين من كلام المسؤول، و يؤولون الكلمات بكلمات تروق لهم و خاصة انها تبتعد عن أصل الموضوع، هي موهبة لديهم و انا احسدهم عليها، و لكنها موهبة شيطانية.
امامنا حوارين الأول للمندوب الأممي مارتن غريفيث، و الآخر لسعادة اللواء عيدروس الزبيدي.
قال غريفيث :
في هذه المرحلة، نتحدث عن مشاورات تؤدي إلى مفاوضات.
و قال ايضاً:
أبناء الجنوب يجب أن يكونوا جزءاً من مستقبل اليمن و لا يمكن تجاهلهم.
نحن لا ندعم أي انفصال ما لم يكن نتيجة عملية توافقية داخل تلك الدولة العضو،...
هذا كلام المندوب الأممي واضح وضوح الشمس، لم يكذب و لم يبالغ في طرحه و كان واقعياً جدا، و من فسر كلامه بأنه إهانة للجنوبيين، فهون يهين عقول الجنوبيين لعدم إدراكه ان السيد مارتن غريفيث، ما هو الا وسيط و ليس طرفاً محاورا، و لديه مهمة واحدة عليه تنفيذها و هي تقريب وجهات النظر بين الشرعية و انصار الله.
يجب على الشرعية ان تعترف بأنها أغفلت القضية الأساسية و هو "الإنقلاب على الشرعية"، و استغل انصار الله غفلة الشرعية و إدارتها للمباحثات بأن حولت الصراع في المشاورات الى ندّين متصارعين على السلطة، و ليس طرف انقلابي على السلطة الشرعية، و هذه هي النتيجة التي تنظر لها الأمم المتحدة، و وضعت نظرية التباحث للوصول الى حل بين الطرفين المتحاربين على السلطة.
و قال ايضا انه بالرغم من قناعته ان للجنوب قضية، فهي حقيقة و لا يجب ان يتجاهلها المجتمع الدولي، ثم قرر و بوضوح ان مهمته لا تتحدث عن الانفصال، و هذا الانفصال لن يتم الا بعملية توافقية داخل اليمن.
فلنقارن الفقرة الأخيرة التي تخص الانفصال، و بيان مجلس التعاون الصادر في ابها في المملكة العربية السعودية في يونيو 1994 بسبب ما سموها حينه حرب الانفصال بين الجنوب و الشمال.
قال البيان :
" انطلاقا من حقيقة ان الوحده مطلب لابناء الامه العربيه فقد رحب المجلس بالوحده اليمنيه عند قيامها بتراضي الدولتين المستقلتين الجمهوريه العربيه اليمنيه و جمهورية اليمن الديمقراطيه الشعبيه في مايو 1990م ، و بالتالي فان بقاءها لايمكن ان يستمر الا بتراضي الطرفين".
هذا هو المبدأ الذي يجب ان يكون، بمعنى لا انفصال الا بقرار من الدولة القائمة، و الانفصال لن يدعمه احد الا اذا اتخذت قيادة الشرعية هذا القرار رسميا، و قدمته رسميا للهيئات الدولية، لهذا نرى التطابق بين كلام غريفيث و مجلس التعاون.
...
اما مقابلة الزبيدي فلم يكن فيها جديد، الا انه يتحدث بصوت قوي من محطة تلفزيونية تتبع دولة الامارات العربية المتحدة، و كأنه يقول لنا ما اقوله ليس شعارات، و انما تفاهمات.
و حتى الزبيدي فهم ان مطالبته بالانفصال مستحيل، فلا حرية و لا استقلال، و انما فك ارتباط رسمي تقره الحكومة الشرعية.
و لكنه انكر وجود قوة جنوبية على الأرض، فهذا كان خطأ وقع فيه اللواء الزبيدي، فالمجلس الأعلى للحراك السلمي موجود في الجنوب، و له قيادته وقواعده، بل و تقدموا بالطلب للتفاوض مع الانتقالي و انا و للأمانة التاريخية شاهد على ذلك.
الزبيدي تكلم عن الشارع العدني، و لكن لم يمد يده الى العدني حتى الآن، و لم يعتذر لابناء عدن حتى الآن عن إشهار حلف القبائل الجنوبية في عدن.
الخلاصة:
ــــــــــــــــــ
يجب ان نفسر الأمور بطريقة علمية صحيحة، و ليس بالطريقة التي ترضي غرورنا، انا قد اختلف و قد اتفق مع الزبيدي، و لكنني سأضل الاحقه و من بعدي أهل عدن بالاعتذار ، لان الاعتذار لابناء عدن لا تسقط بالتقادم، مع إحترامي الشديد لسعادة اللواء الزبيدي
...
علي محمد جارالله
11 أغسطس 2018