نطالع يوميا في معظم مواقع التواصل الاجتماعي اتهامات لمسئولي الشرعية مدعومة بالوثائق بقرارات توظيف ابنائهم واقاربهم في مفاصل السلطة وكنا نعتقد ان ذلك ضمن المناكفات السياسية والخلافات الشخصية بين الاحزاب والمكونات السياسية وبين السلطة الشرعية , ولكن الواقع يؤكد أن مايقال ويكتب صحيح بنسبة عالية ونحن لانجزم بصحة كل ما يكتب .
ولكن اذا كان المعيار في الوظيفة الرسمية هي الكفاءة فلا بأس أن يكون ابن الوزير اوقريبه. لكن الكفاءة ليست حكرا على اولاد واقارب المسئولين ففي عامة الشعب من هم اكثر كفاءة ونزاهة ومعرفة وارفع شهادة منهم .
اضف الى ذلك ان التوظيف جاء في وقت عصيب تمر به البلاد وانهيار شبه تام لكل هياكل الدولة !! لكن يبدو ان مسئولي الشرعية يقلدون ما يفعله الحوثي في صنعاء من توظيف وتجنيد مئات الالاف ليستخدمهم ورقة ضغط في اي مفاوضات مقبلة قد تحدث . إن ذلك العمل هو زرع الغام ومطبات اقتصادية في طريق (استعادة الدولة) وزيادة العبء على اي حكومة مقبله .
اذآ فالوظيفة اصبحت منفعة وكسب مادي لااكثر.
وإلآ لماذا يتوظف هذا لانه ابن الوزير ويترك ذاك لانه ليس لديه واسطة او قرابة من الوزير ؟
هذا السؤال لن يجيب عليه غير الوزير الذي وظف اقاربه فقط .
ولأن الفساد متأصل ومتجذر في بلادنا وشرعيتنا العتيدة , عمل المسئولين على بذر بذور فساد جديدة وفي مواقع مختلفة ومتفرقة , فبدلآ من فاسد واحد هو الوزير او المدير تحول ذلك المسئول الى فاسدين بعد ان كان فاسد واحد وانتشر كخلايا السرطان !!
ولا حول ولا قوة الا بالله .
الحاصل أن انهيار الدولة في اليمن وغياب الرقابة وموت الضمير شجع معظم المسئولين على توظيف ابنائهم وذوي قرابتهم في وظائف حساسة في الدولة استباقا لاستقرار البلاد واعادة بناء الدولة من جديد لترفع اسماؤهم ضمن موظفي الدولة . او للكسب المادي غير المشروع واستنزاف الموارد والمساعدات !!
او ان الوزير تقدم به العمر وورث الوظيفة لولده او بنته او قريبه تحت شعار : ( الأقربون اولى بالمعروف ) .
كان المفروض أن تعمل حكومة الشرعية على تخفيض اعداد كبار الموظفين فضلا عن توظيف اعداد جديدة لأن البلاد في حالة حرب وانهيار اقتصادي وسياسي وكان عليها ان تعمل على خفض النفقات الرسمية وتوفير المال لدعم الاقتصاد بدلآ من توظيف ابناء واقارب المسئولين في وظائف عليا وصرف رواتبهم بالعملة الصعبة (الدولار) !
.. لكنها بلاد العجائب ..
الغريب في الأمر أن هذا التوظيف خاص بالمسئولين ( Special ) للأقارب والاولاد فقط ولاتوجد وظيفة عامة في البلاد لأي فرد من افراد الشعب حتى ان المنقطعين قسريا والتي ظهرت اسمائهم من الجنوبيين لم يتم اعادة توظيفهم او صرف مستحقاتهم !! والسبب هي ظروف الحرب كما يدعي اولئك المسئولين .. هذه الظروف التي تستثني ابناء الوزراء والمسئولين لأن الوظيفة من حقهم هم دون سائر الشعب في اي وقت وتحت اي ضرف .
أن هذا التوظيف العشوائي لذوي قرابات المسئولين سيجعل الامور الاقتصادية اكثر تعقيدا (إذا) تم استعادة الشرعية لما له من آثار سلبية واضافة اعباء جديدة على الدولة ولن يكون بمقدورها استيعاب كل هذا الهدر والتبذير للمال العام .