العقل العربي مُكَوَن بأغلال ثقافة الفردية والأحادية، وغيبة فكرة الحرية كقيمة، وبالفقه المغلوط، وكل مشاكلنا ومعاناتنا وحروبنا وتخلفنا نتيجة تغييب العقل بهذه الأغلال، ولن يتم استعادة العقل ودوره دون التخلص من هذه الأغلال، بتصحيح الثقافة الُمكَوِّنة للعقل، وعودتها إلى المركز الأساس قول الله في كتابه العزيز، لأن الله حي قيوم وكلامه في كتابه العزيز موجه لأحياء ونحن أحياء لنفهمه وفق واقعنا ومعارفنا ومشاكلنا، أما الرأي(الفقه) فهو فهم أحياء، لقول الله في كتابه بزمانهم ومكانهم ومعارفهم ومشاكلهم، وهم في نظرنا أموات، ومعرفتهم نسبية ومحدودين بزمانهم ومكانهم ومعارفهم ومشاكلهم، فهم وفقههم بالنسبة لنا أمة قد خلت، وهم يمثلون لنا بتاريخهم وثقافتهم وفقههم عبرة وموعظة، كعبر القصص القرآني للأنبياء والأمم السابقة، بينما الله سبحانه مطلق المعرفة ولا يحده زمان ولا مكان، فكلامه خطاب للناس كل الناس فِي كل زمان ومكان، فقوانينه في الكون والإنسان والوجود والطبيعة وكل خلقه ومخلوقاته، متاحة لكل من يحسن قرائتها وقراءة قوانينها، وفقاً لأول أمر خاطب الله به الإنسان في كتابه العزيز "إقرأ " في سورة العلق فهذه الكلمة هي مفتاح المعرفة الإنسانية والكونية في قراءة الخلق وقراءة العلم.
ولن تُحل إشكالية العقل العربي سوى بكسر الأغلال الُمكَوِّنة له وربطه بدين الله الحق كمكون أساس لثقافة الإنسان المسلم، وربطه بمركز دين الإسلام كتاب الله ليقرأه قراءة معاصرة بعقله ومعارفه ومشاكله، ليبدع في إيجاد فقه معاصر يستوعب حضارة الإنسان المعاصرة ويعالج مشاكلنا وأزماتنا كعرب ومسلمين.
د عبده سعيد المغلس
٢-٨-٢٠١٨