بعد الاستقلال وبحكم وجود قيادات يمنية داخل القيادة العامة للجبهة القومية كان لابد ان يكون لها تأثير على القرار السياسي وتكييفه لمصالحها الاستراتيجية لحكم الضروف السائدة في تلك الفترة . اضف الى ذلك احتضان صنعاء لقيادات الجبهة القومية (الجنوبية) عام 62م. وتعيين قحطان الشعبي مستشار للرئيس السلال لشئون الجنوب ورئيس مكتب الجنوب في صنعاء ..
▪ لذلك اطلقت الجبهة القومية مشروع يمننة الجنوب . وإن اطلاق تسمية اليمن الجنوبية على الجنوب العربي هو نتاج عمل تلك القيادات اليمنية داخل الجبهة القومية ذات التوجه القومي العربي .
▪ ومن المعروف ان موقف الحزب الاشتراكي لاحقا هو استمرار في لذلك النهج ليمننة للجنوب ويعتبر مشروعه الاكبر الذي ظل اللوبي اليمني يناضل من اجله داخل الحزب طيلة الفترة من عام 69م الى ان تم توقيع وحدة اندماجية عام 90م مع نظام صنعاء ..
وإذا ما عدنا الى الجذور والهوية لابد من الوضوح الصريح للانحياز الى الجنوب العربي مثلما فعل حزب الرابطة عندما فك ارتباطه مع اليمن وقام بتغيير مسمى الحزب من (حزب رابطة ابناء اليمن) الى (حزب رابطة ابناء الجنوب الحر) ..
▪ كل الجنوبيين المنتمين الى احزاب يمنية مخيرين بين الانظمام الى الجنوب وفك ارتباطهم مع اليمن او البقاء مع اليمننة في تسمية احزابهم ولكن خارج الأطر السياسية الجنوبية الخالصة . وهذا الوضوح يحتمه رسم الطريق وتوحيد الهدف لإستقلال الجنوب .
▪ للاسف بعض رموز الاشتراكي الجنوبيين لازالوا يتبنون مشروعهم القديم (اليمننة) للجنوب ولا ادري هل هم مقتنعين بذلك قناعة ذاتية داخلية ام انها التزام حزبي او مجرد مزايدات للكسب السياسي ؟
نحن بحاجة فعلا الى مصداقية القول والرؤية كجنوبيين اولا وبحاجة الى وضوح الخطاب السياسي داخل هيئات المجلس الانتقالي وخارجه.
▪ وعلى اولئك عدم تكرار خطيئة قيادة الجبهة القومية (الاشتراكي لاحقا) بعد الاستقلال في ربط الجنوب باليمن وتسمية النظام السياسي في الجنوب ب (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) بعد ان كان يسمى حكومة اتحاد الجنوب العربي وكان اولى بهم تسميتها (جمهورية اتحاد الجنوب العربي ) مثلا دون ربط الجنوب باليمن حتى لا يقعوا في الخطأ التاريخي القاتل الذي لازال الجنوب يعاني منه الى اليوم .
لكن نعتقد ان هذا الربط لم يأتي من فراغ فقد عملت اجهزة اللوبي اليمني (القيادات الشمالية) داخل الجبهة القومية على تغيير اسم الجنوب العربي الى الجنوب اليمني في مسمى الجمهورية الفتية ضمن خطة ذكية لم ينتبه لها الجنوبيين في قيادة الجبهة القومية حينذاك لضمها مستقبلا الى اليمن وهو ما حصل عام 1990م.
وهنا اذكر كلمة قالها المرحوم الشيخ صالح بن سالم القروه لرئيس الوزراء السابق حينها المرحوم محمد علي هيثم اثناء زيارته للصعيد عام 69م وكان يرددها هيثم اثناء منفاه بعد ذلك عندما اطلقوا اسم (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) على الجنوب .. حيث قال له الشيخ صالح : يا بن هيثم (انتوا غلطتوا عندما ربطتوا الجنوب باليمن يمكن يوم من الايام يطالب به ويضمه) !!! وكان يقول بن هيثم : هذا الكلام صادر عن شخص أمي لا يقرأ ولا يكتب ولكن لديه ذكاء فطري ورؤية للمستقبل افتقدناها بعد الاستقلال في زخم الثورة .
▪ نحن اليوم في امس الحاجة في هذه الظروف الحساسة جدا الى وضوح الرؤية لدى قيادات ناضلت في صفوف الحراك الجنوبي وتنتمي الى الاشتراكي وتتبوأ مراكز قيادية في هيكلية المجلس الانتقالي وخارجه من موضوع الهوية الجنوبية لأنها لاتقبل تعدد الألوان لابد من لون واحد اما مع هوية الجنوب المعروفة او مع التبعية لصنعاء عبر اليمننة لكن كما قدمنا خارج اي اطار سياسي جنوبي اذ لا يمكن الخلط بين الاتجاهين.