أكاد أجزم أن 20 إلى 30 بالمئة من الوحدات العسكرية والأمنية، في عدن والجنوب، هم من أبناء الشمال، لاسيما من تعز والحديدة وإب، لم يقل أحد لهؤلاء: أنتم شماليون لا مكان لكم في الجيش والأمن، بالعكس تم التعامل معهم باعتبارهم أبناء وأهالي عدن والجنوب، وهناك قيادات بارزة في هذه الوحدات من أبناء تلك المناطق.
السؤال: كم هناك من أبناء هذه المناطق في الجيش الذي أسسه المقدشي في مأرب.. بل كم هناك من أبناء مأرب في الجيش الوطني بمأرب نفسها؟.
المعلومات من مصادرنا في التوجيه المعنوي بجيش مأرب تقول إن 90 بالمائة من هذا الجيش من أبناء الهضبة، وأنتم تعرفون أين تقع الهضبة، وما هي المناطق التي تتكون منها.
لسنا ضد أبناء الهضبة، فهؤلا معظمهم مع المقاومة والتغيير، وكانوا نواة لثورة الشباب، قدموا تضحيات.. نحن نتحدث عن النخب التي ما تزال تفكر بالهيمنة والسيطرة حتى الآن، والدليل محاربتها للتغيير ولرجال وشباب التغيير، وتريد التغيير الذي يخدم مصالحها، والذي يعيد إنتاج النظام القديم وسلوكه في الهيمنة والاستبداد، على الوسط والجنوب.
عندما أقول إن هناك نسبة معقولة من أبناء الشمال في الوحدات الأمنية والعسكرية في المناطق المحررة بالجنوب، هذا يعني أن نواة هذه الوحدات وطنية من حيث المبدأ، وما حدث من تكثيف وحضور منطقة هنا وأخرى هناك، فهذا بسبب المخرج والممول الذي أراد للتشكيلات أن تخرج بهذه الصيغة المرفوضة طبعا، لكن هذا الأمر يمكن حله باسابيع عبر عملية إعادة توزيع وهيكلة سريعة، إذا وجدت إرادة ومصداقية من الشرعية.. أقول الشرعية لأنها هي المسئول الأول والأخير الذي ينبغي أن نخاطبه ونحمله المسئولية.. ثم التحالف الذي يفترض تقديم مشروع وطني له من قبل الشرعية لإقناعه به.
إذن نواة وبذور الجيش والأمن في الجنوب ليست مناطقية بل وطنية وصادقة من حيث المبدأ بعيدا عن التفاصيل المملة.. وهذا يدل على أن القضية الجنوبية ليست قضية مناطقية، بل هي قضية سياسية بامتياز، هذا أولا.. وثانيا أن هذا الجيش والأمن هو جيش دولة، إذا وجدت هذه الدولة في إطار اليمن الاتحادي الموحد سيكون معها وسيحميها، وهذا ما نتمناه، وإذا لم توجد سيبحث له عن دولة حتى في المريخ ليحميها.
لكن جيش مأرب، صحيح هو نواة وحامي ثورة فبراير، لكن النخب هناك تريده جيشا للهيمنة مرة أخرى على البلاد، والدليل أنه ينتمي لمناطق الهضبة، دون سائر باقي مناطق اليمن الأوسط والأسفل.
لذا فإن توحيد الجيش في المناطق المحررة، جنوبا وشمالا، في مؤسسة عسكرية مستقلة ووطنية هو طموح كل الوطنيين الأحرار، لكن ذلك مرهون بالتخلي عن أفكار ونزعة الهيمنة، والاتجاه صوب بناء جيش وطني حقيقي، والكف عن محاربة رجال التغيير والامتناع عن الوقوف أمام مشروع استعادة وبناء الدولة.
*- عن الأيام