ايتها السيدات أيها السادة الأعزاء
اسمحوا لي أن احييكم في هذه الدورة المكرسة لحقوق الإنسان في الامن والاستقرار وأرجو أن تعيروا جزءً من وقتكم واهتمامكم لما سأتناوله في مداخلتي القصيرة هذه عن حقوق الإنسان في جنوب اليمن.
تتميز القضية التي سأتوقف عندها بأنها تتصل بقضية حق ومصير الشعب الجنوبي وتوقه إلى الحرية والانعتاق باستعادة دولته التي قضى عليها غزاة العام ١٩٩٤م وغزاة العام ٢٠١٥م .
لقد تعرض الجنوب لهذين الغزوين من قبل الشركاء الذين يفترض انه دخل معهم في شراكة وطنية لبناء دولة يمنية ديمقراطية تعلي من مكانة مواطنيها وتقيم العدالة الاجتماعية وتحقق الاستقرار والرفاه والتقدم لكل مواطنيها لكن ما جرى أن شركاء هذا المشروع من حكام شمال اليمن قد أقدموا على تدمير هذه الشراكة واجتياح الجنوب عن طريق حرب ضروس وتدمير دولته وإقصاء أبنائه ونهب أرضه والسطو على ثرواته وإلغاء كل حضور له في البناء الوطني والسياسي وهذا الانتهاك الكبير يمثل الأب الشرعي لجميع الانتهاكات التي تعرض لها الجنوب على مدى ربع قرن ونيف.
إن جميع الانتهاكات التي عانى منها وما يزال الجنوبيون يعانون منها ليست سوى تفرعات لهذا الانتهاك الكبير فلقد خسر الجنوب اكثر من ثلاثة آلاف شهيد اغتالتهم اجهزة الأمن في فعاليات سلمية لم يكونوا يحملون فيها سوى اليافطات وصور من سبقهم من الشهداء، كما عانى وما زال الجنوبيون يعانون من الحرمان من أبسط الحقوق المدنية التي تمتعوا بها على مدى ربع قرن قبل تلك الحرب اللعينة وفي مقدمتها حق التعليم والتطبيب والعمل والسكن والامن والاستقرار وتعرضت تلك الحقوق للانتهاك الفظ والمباشر على أيدي اجهزة سلطة الغزو الأول وجاء الغزو الثاني ليستكمل تدمير ما تبقى من البنية التحتية من مدارس ومستشفيات ومراكز شرطة ومحاكم ونيابات عامة وطرقات ومرافق المياة والصرف الصحي ولتتحول عدن سيدة مدن الجزيرة العربية ومعها بقية مدن الجنوب إلى قرى كبيرة مكتظة بالخراب والفقر والأوبئة والفوضى الأمنية والتلوث البيئي وكلما يهدد حياة الإنسان وتطلعه الحضاري ، وترافق مع ذلك سلسلة من عمليات الاغتيال التي راح ضحيتها المئات من خيرة ابناء الجنوب على راسهم محافظ عدن السابق اللواء الشهيد جعفر محمد سعد وقائد المنطق العسكرية الرابعة السابق اللواء الشهيد علي ناصر هادي ومئات المجندين الذين ذهبو ضحايا لعمليات انتحارية في معسكرات التدريب في عدن وابين ولحج والضالع وغيرها بعضهم قتلتهم قوات الغزو الانقلابي والبعض الآخر المنظمات الإرهابية المدعومة من التحالف الانقلابي.
وإذ نجح الجنوبيون في إلحاق الهزيمة الساحقة بغزاة عام ٢٠١٥م من مليشيات الانقلاب فقد فشلت الحكومة الشرعية في القيام بواجبها الاخلاقي والقانوني في إعادة الحياة إلى شرايين المجتمع الجنوبي واستمرأ ممثلوها معاقبة الجنوبيين لجرأتهم على هزيمة مشروع التحالف الانقلابي لتستمر الفوضى وظواهر الإجرام والإرهاب والأوبئة وحرمان موظفي الدولة من مرتباتهم وهي انتهاكات تهدد حياة الملايين من سكان الجنوب.
إن استعادة هذه الحقوق وصيانة أرواح الناس مما يهددها يرتبط باستعادة الحق الأساسي للجنوبيين والمتمثل في دولتهم التي تعرضت للغزو والتدمير على ايدي غزاة ١٩٩٤م وبدون هذا الحق تظل بقية الحقوق غائبة ويظل الحديث عنها مجرد خوض في تفاصيل هي فروع لتلك القضية الأم.
أيها السادة
لا يمكنني اختتام حديثي دون تسجيل اسمى آيات الشكر والامتنان للدور الكبير لدول التحالف العربي وفي مقدمتها الشقيقتان : المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لما قدمتاه وتقدمانه من دعم وإسناد لشعبنا في مواجهة الغزو الثاني وتمكين المقاومة الجنوبية من سحق الغزاة وطردهم ومن ثم الشروع في إعادة بناء المرافق الخدمية من مدارس ومراكز صحية ومستشفيات وطرقات وما تقدمانه من دعم في مجال الإغاثة الطبية والغذائية وتقديم وسائل النقل ودعم الأجهزة الامنية والدفاعية التي نجحت حتى الآن في كشف العديد من الأعمال التخريبية والإجرامية وكشف الشبكات الإرهابية فلهم منا كل الشكر والتقدير.
وأخيرا ندعو الحاضرين ومن خلالهم منظمة الامم المتحدة ومجلسها لحقوق الانسان وجميع الدول التي تشارك فيه إلى تفهم مطالب شعبنا الجنوبي في استعادة دولته وبناء مستقبله المستقل وهو حق تكفله كل الوثائق والتشريعات والاتفاقيات الدولية مؤكدين أن الدولة الجنوبية لن تكون إلا عاملا من عوامل الاستقرار وشريكا فاعلا في محاربة الإرهاب والإجرام وكل اشكال انتهاك حقوق الإنسان.
وتقبلوا تحياتي وتقديري العاليين
*- ٢٧/٩/٢٠١٧م
د. عيدروس نصر ناصر رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي