منظومة الفساد العفاشي ونفاياته في عدن والجنوب لا تقبل النزاهة وتحارب المخلصين، لأنها نقيض للاثنين وخصم لدود لهما..وهذا ديدنها وشغلها الشاغل، منذ جاءت لتفسد النصر وتقف ضد إرادة الشعب، وتعاقبه بأسواء الأساليب العفاشية التي تتجلى عيانا في إفساد كل شيء في عدن اليوم. وما يحدث من تضييق وتطفيش مع البروفيسور، جراح العظام المعروف د.عبدالناصر الوالي ليس إلا أنموذجا..والبقية تأتي..إذا لم يتم الوقوف بصلابة لإحقاق الحق وفاء للشهداء وللقضية النبيلة التي ضحوا من أجلها..
من منا لا يعرف د.عبدالناصر بقلمه وكتاباته الرصينة وبأعماله الجليلة التي تشهد له بها الجبهة الطبية اثناء الحرب، ثم في فترة السلم التي تلتها حتى اليوم.
لن أتحدث عن البروفيسور عبدالناصر الوالي، فهو أشهر من نار على علم، وشهادتي فيه مجروحة، لصداقتي وعلاقتي به منذ أن تعرفت عليه يوم تخرجه في دراسة الماجستير في الطب في (خاركوف) أواخر عام 1986م ، حيث كنت شاهداً على ذلك التقدير العالي الذي حظي به حينما حاز المرتبة الأولى من بين الخريجين ورفضه طلب عمادة الكلية البقاء هناك لاستكمال التخصص والعمل ضمن الهيئة التدريسية وتفضيله العودة لخدمة وطنه وأهله في عدن التي ولد ونشأ وتعلم فيها وأحبها وأخلص لها.. وتجلى هذا الحب والإخلاص في تلك الليالي الظلماء حينما داهمتها جحافل الغزاة الحوثيين وأمعنت بالخراب والدمار..فلم يهرب أو يغادر مدينته ومسقط رأسه ويلجأ إلى مكان آمن بعيد، كما فعل غيره، بل ولم تكن تعوزه الامكانيات لأن يغادر إلى الخارج ويعيش في جبهة الفنادق التي تزاحم عليها مناضلو وأدعياء الشرعية، لكنه فضل الصمود بقناعة في جبهة الخنادق، جبهة الشرف والبطولة، ولم يخلد للسكينة والهدوء أو يلزم بيته مختبئاً، كما فعل بعض الأطباء للأسف، بل قاوم من موقعه كطبيب معروف بكفاءته في جراحة العظام، وأتذكر كيف بادر ومعه عدد من زملائه الأطباء بتأسيس "اللجنة الشعبية الطبية العليا" التي تحملت مسؤلياتها بجدارة أثناء الحرب في عدن والمحافظات المجاورة لاستقبال الجرحى من جبهات المقاومة، بل وعمل مع زملاءه في الجبهة الصحية ليل نهار كخلية نحل نشطة لتأمين المستشفيات الحكومية والخاصة، بما كان يتم الحصول عليه من إمكانيات لتقوم بدورها في استقبال واسعاف وعلاج الجرحى الذين كانت تتزايد أعدادهم من كل جبهات القتال المحيطة بعدن وكذلك مكافحة الأمراض والأوبئة التي تفشت في عدن خلال الحرب، بما في ذلك جائحتي الملاريا وحمى الضنك ، وهذا ما عرفته شخصيا عن قرب ومعايشة ويعرفه كل قادة المقاومة وقيادة التحالف العربي ومنظمات الإغاثة وكل من عمل معه من رفاق دربه من الأطباء والصيادلة والفنيين من الجنود المجهولين ممن نحني لهم قبعاتنا احتراماً وتقديرا.
إن السكوت عن محاولة إزاحة وإبعاد العناصر النزيهة أو مضايقتها يعني القبول بمنظومة الفساد وشرعنتها من قبل الجميع على حساب دماء وتضحيات الشهداء وآلام ومعاناة الجرحى الذين صنعوا النصر، والرضوخ لاساليب الملوثين بالفساد والمنغمسين فيه من قمة رؤوسهم وحتى أخمص قدميهم ممن يسعون جهدهم لحرف انتصار شعبنا عن مساره وتغيير وجهته بغير الوجهة التي أرادها الشهداء ويريدها شعبنا في الجنوب، ولهذا ينبغي أن ترتفع الأصوات عالياً في وجه هذه السلوكيات المشينة التي تستهدف النزاهة والاستقامة وكل ما هو جميل ومضيء في ليل الفساد الكاتم على أنفاسنا، وكأنما واجهنا الغزاة الحوثيين وقدمنا قوافل الشهداء والجرحى لنسلم رقابنا لمن كانوا حتى الأمس في أحضان عفاش، الهمس بالهمس، واللمس باللمس، ولا يستعبد أنهم يعملون في أجندتهم الخفية لصالحه كما تشي أعمالهم الانتقامية تلك التي لم تجد لها رادعا.
لن يخسر د.عبدالناصر شيء، فمكانته الأكاديمية والعلمية كواحد من أستاتذة كلية الطب المقتدرين أكبر من منصبه الذي لم يسعى إليه أو يشبث به، وهو جدير بمنصب وزاري عن كفاءة ونزاهة واقتدار، لكن الخاسر الأكبر سيكون هو مكتب الصحة والخدمات الطبية في عدن التي بدأت تنتعش تدريجياً تحت إدارته رغم الظروف الصعبة التي يعمل فيها والحرب الموجهة ضده من قبل أساطين ورموز الفساد، الذين لا يتعاملون معه ويتجاوزنه متعمدين من خلال تعاملهم مع من هم دونه مسؤلية، وكأنما الطيور على أشكالها تقع. وإذا ما نجحوا في إزاحته فستفقد النزاهة والكفاءة والإخلاص أحد رموزها، ولعل المستفيد الوحيد هو الفساد الذي الذي ما زال يحكم خناقه علينا.
نتضامن بقوة مع البرفيسور عبدالناصر الوالي، ولا يجب أن نسكت أو نلزم الصمت عن قول الحق، بل يجب أن نصرخ ضد الفساد بملء أصواتنا ومحاربته، فالساكت عن الحق شيطان أخرس..