شرعية ... ‘‘مش عاقلة‘‘

2017-05-06 14:23

 

أوقعت الشرعية اليمنية نفسها في مأزق كبير، كشف عن هشاشة وجودها، وسوء تدبير ساستها لأمور البلد، عندما أقدمت على اتخاذ قرارات غير مدروسة كانت مضارها تتجاوز منافعها بسنين ضوئية.

 

لم تكن هذه الشرعية تحتاج لهكذا تحد خاسر تخوضه مع المقاومة ومع الجماهير الجنوبية. تحدّ كانت نتيجته مخجلة لها، إذ كشف للناس في الداخل وفي الإقليم وللعالم أجمع أن هذه الشرعية «مش عاقلة تمام» وبالشكل الكافي، والأسوأ أنها افتُضحت بأنها ليست صاحبة الكلمة الفصل، على الأقل في المدينة التي تسميها عاصمة مؤقتة لها.

 

لم تكن الشرعية أبداً في حاجة لأن تقلد شمشون في هدّ المعبد على رؤوس الجميع، عندما هدت الجدار المتين الذي كانت تستند إليه فيمنحها الأمان لأن تسكن معاشيق، وتتناول السمك طازجاً في مخابز صيرة، ناهيك عن أنها بهذا الشعب كانت ترعب صالح والحوثي، وبه أيضاً كانت تفرمل غضب الشارع الجنوبي الذي كان غالبه على عجلة من أمره، وهو يستنهض قادته بمن فيهم عيدروس الزبيدي لحسم أمر الوحدة والعلاقة مع الشرعية.

 

 لم تكن الشرعية حريصة على هيبتها ومكانتها، وهي تصدر قرارات تعلم أن ليس بمقدورها تمريرها، وإن مررتها فإنها تكلف ذاتها والمجتمع ثمناً باهظاً على الصعد السياسية والعسكرية، وعلى السلم والأمان الإجتماعيين في مدن الجنوب.

 

إلى اللحظة، ما زال جهابذة السياسة يحاولون فك طلاسم الأهداف والنتائج التي رمت إليها الشرعية، وهي تتخلص من شريك أكثر من أساسي في معركة مواجهة الإنقلاب ليس في الجنوب ولكن حتى في الشمال. كما يسعى المحللون والمنجمون إلى فهم هذا التناقض الغريب في تعامل الشرعية، عندما كافأت صناع النصر والتحرير من المقاومة الجنوبية بالعزل والتحقيق والمحاكمة ولو معنوياً، لاستحالة ذلك على الواقع، فيما تكافئ الفارين في الفنادق وأبطال ملاحم التباب التي لم تتجاوز حجرة واحدة في مأرب وتعز ونهم بالمناصب والأموال دون حساب.

 

لا شيء يفسر طبيعة ما يجري سوى أن الشرعية باتت مختطفة في أيدي مراهقين سياسيين يلهون بها، وكأنهم في لعبة قمار محرمة لا يهمهم إن خسروا أو كسبوا.

 

من كانت الشرعية تَعِزّ عليه فلينصحها بأن تتدارك الأمر، وأن تحرر ذاتها من قبضة خاطفيها من صبية «الإصلاح»، وإلا فإنها لن تفلح في معركتها في مواجهة الإنقلاب شمالاً، أقول شمالاً، أما جنوباً فلا يبدو أن هناك جنوبياً طيباً آخر يمكنه أن يطمئن إلى شرعية تنكرت لدماء آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والمخطوفين، كما تنكرت لقادة كانوا معها صادقين ومخلصين، لم يقولوا لها حربك خارج الجنوب ليست حربنا، والانقلاب عليك شمالاً لا يعنينا، بل قالوا نحن لها حتى النصر وهزيمة الإنقلاب، دون أن يعني ذلك التخلي عن المبادئ والأهداف.

 

الشرعية للأسف «مش عاقلة»، وإلا ما كانت خلقت لنفسها كل هذه المتاعب، وأضافت إلى سجلها خصماً آخر ليس كأي خصم، وفي زمن حساس هي فيه أحوج ما تكون حتى لكلمة دعاء تفرج عنها كربتها وتعيدها إلى صنعاء، وليس فقط إلى عدن التي يبدو أنها ستغلق في وجهها لوقت من الزمن طالما ظلت مختطفة في أيدي حزب سياسي انتهازي، لا يستطيع التخلص من انتهازيته ومن مؤامراته ودسائسه خاصة مع  شعب وقضيته.