هشاشة الإعلام العربي والزخم الإيراني – الحلقة الثانية والأخيرة

2017-04-21 04:59

 

المشرفون على إعلامنا العربي لا يعرفون حتى أبجديات العمل التلفزيوني وفنونه وما يقدمونه أصبح مثارا للسخرية والتخلف كمثال على ذلك إعلان يقول : (محاضرة لفضيلته عن كذب دوران الأرض)!!

وهذا وأمثاله لا يعترفون بهبوط الإنسان على سطح القمر ولا مشاريع غزو الكوكب الأحمر ويعتقدون أن من يصدقها قد انحرف عن سنن الكون وقد أصابه مس من الشيطان !!

إن كل ما تقوم به أجهزة الإعلام ليس عمل استراتيجيا بمعناه العلمي بل هو إعلام نمطي تقليدي متبلد لا يعرف المبادرة ولا الإبداع وليست في قاموسه!!

 

ويجب أن نعترف أن بعض القنوات العربية مخترقة من قبل أتباع إيران وتستند على أولوية عدم نشر أي شيء يمس إيران والخامنئي بالتحديد ونشر جرائم المليشيات واغلب الإعلاميين الموالين لإيران داخل القنوات في دول الخليج يستغلون طيبة أهل تلك الدول لبث سمومهم والتسويق لإيران بطرق مباشرة بحجة المهنية وفي الوقت نفسه لا توجد خطة عمل إعلامية للعرب من اجل كبح جماح الغزو الإعلامي الإيراني فالخطاب العربي بقي في دائرة ضيقة وهو خطاب ذاتي أي موجه للعرب فقط ويتجاهل كل ما يدور من حوله ونحن في الأزمات والحروب نسمع صوتنا وصداه في إعلامنا وليس لدينا إلا قناة الجزيرة القطرية بالانجليزية والموجهة إلى أمريكا الشمالية وهي تفتقر إلى السياسة الإعلامية المهنية!

 

والغريب أننا نشاهد أن لها اذرع قوية وفعالة في مجال النقل التلفزيوني للمسابقات الرياضية الدولية وحققت نجاحات في هذا المجال ولكنها تظل في إطار الكسب المالي ليس إلا!!

وفي الجانب الإيراني هناك قناة (برس تي في) بالانجليزية وهي فعالة جدا رغم ما يعتلي خطابها من أكاذيب وتلفيق في تعاطيها مع قضايا العالم العربي وهناك قنوات إيرانية موجهة للعرب: (المنار) و (الميادين) وغيرهما.

والسؤال هو لماذا لا يوجد لدينا قنوات ناطقة بالفارسية موجهة لإيران واعتقد جازما أن هذا العبء يقع على دول الخليج العربي

 

إن الإعلام العربي ضعيف جدا في كل ما يخص إيران سواء تغطية ما يحدث في الداخل الإيراني أو ما يحدث في الاحواز وفي بلوشستان وكردستان ولم نلحظ أي اهتمام أو تغطية إعلامية عربية للمظاهرات المشتعلة في المدن الإيرانية على غرار اهتمام الإعلام العربي بالتظاهرات العربية عمدا أو دون قصد منها وخاصة الاحتجاجات السائدة في الشارع الإيراني منذ عام 2009م، وتقدم أشهر قنواتنا العربية وهي أكثر من 40 قناة نصفها غناء ورقص وبرامج أجنبية مقلدة ليس لها علاقة بما يدور بعالمنا العربي ولا يعنيها !!

 

كما تقدم بعض القنوات العربية برامج سياسية تدور حول الأوضاع العربية وتدور في مناقشات وتحليلات بيزنطية تتخللها تصرفات صبيانية طائشة مستمدة من ارث تجاوزه الزمن لا يقبل النقد ولا النقاش الهادئ لإظهار الحقائق أو يحترم عقلية المشاهد وغالبا ما تنتهي تلك المناظرات بالصراخ والشتائم واستدعاء العصبيات الجاهلية والضيوف يتم اختيارهم عشوائيا وليس لديهم خلفيات ثقافية أو فكرية وغالبا ما تنتهي نقاشاتهم بالصفع والركل والتراشق بالأحذية مما يجعلنا مثار سخرية أمام العالم.

 

إن التصدي للخطر الإيراني يتطلب جهد إعلاميا مميزا يحرص على رد الاتهامات بحرفية ومهنية عالية والسعي لإنتاج أفلام ومسلسلات تظهر الجوانب المشرقة للتاريخ والشخصيات الإسلامية وهذا لا يعني مهاجمة الشعب الإيراني المسلم فهو شعب ينتمي لهذه الأمة وإنما الرد على الإعلام الموجه الذي تديره الحكومة الإيراني والذي يحاول تصدير الثورة ويحتاج إلى إعلام عربي متميز يتصدى لهذه الهجمة !!

 

وختاما إذا أراد العرب الخروج من مأزق ضعف الإعلام العربي فعليهم تجديد الخطاب الديني وعقد مؤتمرات وندوات تدرس بدقة أسباب هذا التردي وتقدم الحلول السريعة للارتقاء بفكر ومهارات الإعلام الذي نشتكي من ضعفه ومحدودية تأثيره.