لماذا يتمدد الإرهاب في الجنوب !! ؟ (الحلقة الأولى)

2017-04-06 15:55

 

و للإجابة على هذا السؤال .. يتعين الرجوع إلى مشكلتين رئيسيتين :

الأولى: الغبن التاريخي الذي عانته قبائل الجنوب إبّان الحكم الماركسي في الجنوب (1967م-1990).

الثانية: العصبية القبلية و المناطقية التي تصدرت المشهد الجنوبي منذ إعلان الوحدة عام 1990م.

 

و بالرجوع إلى استيلاء الحزب الماركسي على مقاليد السلطة في الجنوب فقد تعمد منذ البداية إلى قمع المؤسستين : القبلية و الدينية , و قام بسلسلة من أعمال القتل و التدمير المتعمد الممنهج تحت شعارات زائفة مثل :

- تصفية فرسان القبائل.

- تصفية رموز المؤسسة الدينية (الكهنوت)

وكان يهدف من ذلك إلى تثبيت حكمه الشمولي بالقمع و التسلط على إضعاف أهم ركيزتين في المجتمع  الجنوبي .. !

و قد أدى ذلك إلى تدميرهما حتى أصبحتا عاجزتين عن القيام بأي دور في المجتمع الجنوبي , و همش دورهما تماماً , و تراجع دور القبيلة إلى أدنى مستوياتها من خلال من خلال تمرد أبنائها عليها و إذكاء الصراع الطبقي و الدفع بالطبقات الحرفية المسالمة التي كانت طوال تاريخها تعيش في حماية القبيلة و كثيرا ما سالت الدماء بين القبائل الجنوبية لتأمين حمايتها.

 

و رغم ذلك كله فإن تلك الفئات كانت تكن حقداً تاريخياً دفيناً للقبائل الجنوبية يعود إلى شعورها بالدونية في السلم الاجتماعي كونها لم تستطع حماية نفسها في تلك البيئة القبلية المستعرة بالحروب !!

و قد استغل الحزب الماركسي في عدن هذا الشعور المتفجر فأشعل حربه الطبقية في المجتمع الجنوبي .. و تمكن من نشر الكراهية وعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي بغرض سيطرته على البلاد .. !!

 

و من المفارقات العجيبة أن صراع الأجنحة الماركسية قد تفجر في عدن ضد بعضها بعضا في 13يناير 1986م  وتدثرت بعباءة القبلية , واستحضر الرفاق كل حروب الجاهلية "داحس و الغبراء" و يالثارات كليب !!

و استدعوا بها القبائل "الماركسية" و سالت الدماء في عدن انهاراً و أودت بحياة أكثر من عشرة آلاف قتيل وجريح , حيث تخندق أبناء أبين و شبوة ضد الضالع و حضرموت.. !!

كما استقطب كل فريق انصاراً له من سائر المحافظات الجنوبية ,و كانت نهاية الدولة الجنوبية .. والنتيجة الحتمية لذلك هو ارتماؤها في حضن اليمن الشمالية .. و الدخول معها في مشروع الوحدة الفاشلة !!

 

و عندما أحكمت النخب المتنفذة في صنعاء قبضتها على الجنوب سعت بقوة إلى نشر الفتن و الثارات و التطرف و الغلو الديني الذي رعاه حزب الإصلاح بجناحيه القبلي و الديني تحت أكذوبة إعادة الاعتبار لقبائل الجنوب من خلال معاناتهم إبان الحكم الماركسي !!

فانخرط الآلاف من الجنوبيين في حزب الإصلاح و تم غسل أدمغتهم بطرق قذرة و سادية بمفهوم " الجهاد " ضد ما كانوا يطلقون عليهم الكفار الشيوعيين !!

 

و شجع "صالح" العناصر الإرهابية المشبعة بثقافة الجهل و الموت منذ بداية حكمه عام 1978م الذي كان يواجه أزمات داخلية و بحاجة إلى من يحميه.. و عمل على شراء ولاء القبائل شيوخاً و أفراداً و تحالفوا مع العناصر الإرهابية المتشددة القادمة من أفغانستان لتقوية سلطته , كما أراد "صالح" إثبات جدارته و أهميته لدول الخليج و الإدارة الأمريكية كحليف محارب للإرهاب من اجل دعم حكمه !!

 

وتمكن " صالح " من استخدام تلك العناصر الإرهابية لتصفية كوادر الحزب الاشتراكي وبقايا النظام الماركسي بإشراف الأجهزة الأمنية والقبلية المرتبطة به واستخباراته المرتبطة بحزب الإصلاح في ظل صمت جنوبي شماتة بما آل إليه النظام الشمولي القمعي و قد انقسمت تلك العناصر الإرهابية إلى ثلاثة أقسام:

- الأول: تابع مخلص لصالح و أجهزته الأمنية

- الثاني : تابع لحزب الإصلاح تحت إشراف عبد المجيد الزنداني.

- الثالث" يسعى لفك الارتباط مع الأول و الثاني و يؤمن بتحقيق " الخلافة الإسلامية" و يخضع لقيادات شابة .. !

- و عند اجتياح الجنوب مجددا عام 2015م من قبل تحالف ( الحوثي - صالح) تحت عنوان محاربة الدواعش ثم خلط أوراق تنظيم القاعدة من جديد فأصبح على النحو التالي:

1- قسم واصل إخلاصه لصالح و أجهزته الأمنية التي عملت مع هذا القسم و رفده بالكثير من جنود و ضباط الحرس الجمهوري و الأمن المركزي الذين غيروا ملابسهم عندما استولوا على المكلا , و من قبل استولوا على محافظة أبين و أقاموا إمارة إسلامية في جعار !!

2- قسم قاعدة الإصلاح المسيطر على آبار النفط في حضرموت , و قد لزم الصمت إزاء ما قام به القسم الأول لأن المصلحة واحدة في النهاية !!

3- قسم القاعدة التي تؤمن بالجهاد و الخلافة و قد نهضت لمقاتلة صالح- الحوثي) و تم طردها من قبل المقاومة الجنوبية و قوات التحالف العربي , و انسحبت إلى أبين و شبوة و البيضاء.

 

و اليوم يقوم القسم الأول التابع لصالح و أجهزته الأمنية بمحاولة زعزعة الأمن في المناطق المحررة , و يحاول إغراء العنصرين الثاني و الثالث باستخدام المال بعد أن فشل بالاحتفاظ و السيطرة على الأرض وتحريكهما لقيادة الاضطرابات في أبين و شبوة و البيضاء و محاولة التواصل معهما لتصوير الوضع في الجنوب بأنه هش .. و أن التحالف فشل في تأمين المناطق المحررة !!

و الأسئلة التي تطرح نفسها الآن هي:

لماذا الإرهاب يتركز في المناطق الجنوبية ؟

و أين دور القبائل الجنوبية للتصدي له ؟

فمن ناحية أن "صالح" يخشى من انفصال الجنوب و هو يسعى لبث الرعب في نفوس الجنوبيين من عواقب الانفصال , و كذلك إيصال رسائل للجيران أن اليمن صاحب الموقع الاستراتيجي في خطر بدونه !!

و برغم هذه الأكاذيب فإن الحقيقة التي لا تقبل الجدال هي أن جميع تلك التنظيمات الإرهابية صناعة شمالية تديرها بامتياز الأجهزة الأمنية و يقتصر نشاطها على المحافظات الجنوبية.

 

و في الحلقة الثانية سنتناول :

"لماذا لا تتصدى قبائل الجنوب لتلك التنظيمات الإرهابية "؟؟؟