تكتل اللقاء المشترك الذي أسسه الشهيد جار الله عمر يمر هذه الايام بأصعب مراحله, فبعد انقسام المشترك الى ما سمي الثلاثة الكبار والثلاثة الصغار, يلاحظ المتابعون أن هناك بوادر أزمة بين الكبار.
فجرت الأحداث الدموية التي وقعت في 21 فبراير الماضي أثناء احتفال التجمع اليمني للإصلاح "الإخوان المسلمين" بذكرى انتخاب هادي, فجرت أزمة عميقة داخل التكتل, فقد سبق وحذر الحزب الاشتراكي وبقية احزاب المشترك حذروا الاصلاح من مغبة احياء تلك الفعالية خصوصاً في ضل توتر الأجواء في الجنوب عموماً وفي عدن بشكل خاص, الا أن الاصلاح رفض كل تلك الضغوط وأصر على اقامة الفعالية, وكانت النتائج كارثية بكل المقاييس ليس على الاصلاح فقط إنما حتى على الرئيس هادي أيضاً, الذي تم الاحتفال بذكرى انتخابه على جثث العشرات من الشهداء والجرحى الجنوبيين.
ونتيجة لتلك الأحداث لم يستطع الاشتراكي ممارسة سياسة ضبط النفس أكثر, خصوصاً أن مواقف الاصلاح تشكل له الكثير من الاحراج في المناطق الجنوبية بشكل خاص, وهذا ما دفع علي الصراري عضو المكتب السياسي ومستشار رئيس الوزراء الى المطالبة علناً بعزل محافظ عدن "الاصلاحي" وحيد رشد اضافة الى قائد الأمن المركزي القريب من الاصلاح.
تصاعدت الأمور أكثر بعد الهجوم الشديد الذي تعرض له الحزب الاشتراكي من اعضاء بارزين في الاصلاح وبدأت صحيفة الحزب " الثوري " في الرد على تلك التجاوزات, ووصل الأمر الى ذروته بمطالبة النائب الدكتور عيدروس النقيب عضو المكتب السياسي ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب مطالبته الاصلاح بأن يختار بين استمرار تحالف المشترك وبين محافظ عدن.
وفي تطور ملفت وصل الخلاف الى " اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العام للشباب " المكونة أساساً من شباب الساحات الحزبيين وغير الحزبيين, حيث اعلنت اللجنة بالأمس حل نفسها بعد أن أجتمع 75 % من مكوناتها واعلن قرار الحل ممثل الاشتراكي في اللجنة طلال عقلان عضو اللجنة المركزية للحزب, فبعد أن فشل أعضاء اللجنة في التوصل الى حل لخلافاتهم الناشئة عن محاولة ممثلي التجمع اليمني للإصلاح " الاخوان المسلمين " الاستئثار بتشكيل المؤتمر العام للشباب عبر تسميتهم لأشخاص محسوبين عليهم على اعتبار أنهم مستقلين وممثلين لبعض تيارات الحراك الجنوبي, وعند اعتراض بقية المكونات على ذلك ورفضهم اعتماد أي أسماء كمستقلين أو من الحراك الجنوبي ما لم يكونوا يحملون تلك الصفة بشكل حقيقي, أصر ممثلي الإصلاح على رأيهم, بل وقاموا بإشهار أسماء مندوبي بعض المحافظات قبل التوافق عليها من اللجان المختصة المكلفة بتشكيلها.
تلك التطورات تطرح الكثير من التساؤلات عن مدى صمود المشترك أمام تلك العواصف, وعن مدى المرونة التي يمكن ان يتحلى بها الاصلاح امام مطالب شركائه, خصوصاً بعد سيطرته على أغلب التعيينات المدنية والعسكرية الخاصة بالمشترك, ومع أن الحزب الاشتراكي يترفع عن الدخول في صراع مع الاصلاح حول الحصص لكنه بدأ يظهر مواقف أكثر حزماً في ما يتعلق بالقضية الجنوبية والاساءات المتكررة التي يقوم بها الاصلاح تجاه هذا الملف.
يتصرف اخوان اليمن على أساس أن المرحلة الانتقالية فرصة لن تعوض, لذلك يبدون جشعاً منقطع النظير تجاه شركائهم, ويحاولون الاستئثار بكل ما أمكنهم وكأنهم في سباق مع الزمن أو أن المرحلة الانتقالية نهاية المطاف أو فرصتهم الوحيدة في السلطة أو أن عندهم احساس داخلي بتراجع شعبيتهم, بسبب انكشافهم أمام الكثيرين خلال العام الأخير بعد تراجعهم عن أغلب الوعود التي قطعوها, وظهورهم بمظهر الساعي الى السلطة والمحاصصة على حساب مطالب الثورة.
من يتابع تصرفات الاصلاح تجاه شركاءه لا يجد تفسيراً لها, خصوصاً أن الأمور لم تتضح بعد, والمشهد السياسي لا يزال غامضاً و الرئيس السابق يعود الى الواجهة بالتدريج, مستفيداً من أخطاء شركائه السابقين, ويظهر الاصلاح بتصرفاته تلك وكأن تجربته السياسية ضعيفة, حيث يُضحي بعلاقاته المهمة التي بناها مع شركائه في اللقاء المشترك على مدى سنوات وهو لم يصل الى رأس السلطة بعد, أو يحصل على الأغلبية في الانتخابات ما يمكنه من ادارة البلد بمفرده.
والخلاصة أن الفرق بين الإخوان المسلمين في مصر واخوان اليمن, هو أن إخوان مصر انفضح أمرهم بعد وصولهم الى رأس السلطة, واخوان اليمن انفضح أمرهم وهم لا يزالون في الطريق.