إعتبر كثير من الجنوبيين، أن التصريح الأخير للمخلوع عفاش، والذي أكد فيه من ان الجنوبيين سينفصلون وسيقيمون دولتهم الجنوبية، يعد بمثابة إعتراف ضمني بإنتصار الجنوب وشعبه وقرب تحقيق هدفه المنشود في الحرية والاستقلال.
والحقيقة الجلية ان الهدف الرئيس من تصريح المخلوع عفاش، هو تحريض وحشد وتأليب الرأي العام في الشمال ضد الجنوب وشعبه، وذلك عن طريق تذكير الشماليين بمخاطر وتداعيات إنفصال الجنوب، وان (تمزيق الوطن وشرذمته) مخطط سعودي - خليجي، قد سعت تلك الدول الى تحقيقه في عام 1994، وكيف تمكن (هو) من إفشال هذا المخطط برغم وجود الدعم الهائل للجنوب انذاك، وكأنه يقول للشماليين: "ان مخطط انفصال الجنوب يتكرر اليوم في أبشع صوره، ويجب البدء بالتعبئة العامة والحشد لإحتلال الجنوب مرة اخرى".
ويندرج تصريح عفاش تحت لعبة سياسة تبادل الادوار التي تجيد ممارستها القيادات الشمالية في المؤتمر والإصلاح سواء الموالية للشرعية في عدن او الانقلابيين في صنعاء، وقد لاحظنا ذلك جلياً كيف أجاد العجوز علي محسن الأحمر من لعب دوره اقليميا، وإستطاع أن يبرر للسعودية من ان السبب وراء عدم تحقيق اي إنتصارات عسكرية ملموسة على الارض في الشمال راجع نتيحة الاعتقاد السائد بين الشماليين من ان قوات التحالف العربي وخاصة دولة الامارات تسعى الى فصل الجنوب عن الشمال.
ومن خلال متابعاتنا لمجريات الأحداث، فإننا لا نستبعد ان علي محسن الأحمر إستطاع - بالدهاء والخبث المعروف عنه - ان يستغل التباين السعودي - الإماراتي، وان يقنع السعودية بضرورة إرسال المقاومة الجنوبية للقتال في مناطق البقع والمخا وغيرها من مناطق الشمال، لإثبات حسن نية قوات التحالف العربي عند الشماليين، الامر الذي وضع حكومة الشرعية برئاسة هادي في موقف محرج، كونها تنادي بإعادة الشرعية لكل اليمن.
وليس ببعيد منا كيف إستطاع علي محسن الأحمر - وبموافقة ودعم من السعودية - من بناء قوة عسكرية ضخمة في مأرب، مكونه من 100 الف مقاتل ومزودة بمختلف المعدات العسكرية الحديثة والأسلحة المتطورة، وندرك جميعاً من ان تلك القوة تبنى وتجهز لما بعد الحرب، لان عيون علي محسن الأحمر والاصلاح على الجنوب أكثر من الشمال، ونجح من جعل هذه القوة المتواجدة في مأرب من أن تصبح الجهة الحكومية العسكرية الوحيدة المسؤولة عن تقديم الدعم والتسليح لأي قوات عسكرية تتبع للشرعية او مقاومة جنوبية او شعبية، ويقال - والله أعلم - ان الامر وصل الى درجة ان تسليح لواء الحماية الرئاسية التابعة لهادي يأتي من مأرب.
اما آن الاوان أيها الجنوبيين الى إعادة التفكير لإدراك وفهم اللعبة السياسية، وتوحيد الصف الجنوبي على اساس وطني والتعامل مع التحالف العربي كشركاء، والابتعاد عن التحالفات الفردية ضد بَعضُنَا البعض، والاستفادة من تجاربنا السابقة التي أوصلتنا الى الوضع الراهن.