أورد الروائي العراقي أمجد توفيق، في روايته الاخيرة بعنوان (الساخر العظيم)، إشارة ساخرة عن شيوع ظاهرة "المحلل السياسيي والاستراتيجي" على القنوات الفضائية، وعرّف المحللين السياسيين بانهم طبقة تضم خليطاً عجيباً من الناس، لا يعرفوا معنى الخجل والتهذيب والاحترام، وهم جاهزون للتحدث في كل شيء وعن أي شيء وفي اي شي، وليس مهماً أن تتوفر لديهم اي معلومات عن الموضوع الذين يودوا التحدث فيه، يكفيهم فقط قراءة خبر عاجل على إحدى القنوات الفضائية ليبرمجوا أنفسهم حسب الطلب، وليس من الغريب أن تجد أحدهم قد سبق له أن تحدث مدافعاً عن فكرة ما في إحدى القنوات، بدأ يهاجم وبقسوة نفس الفكرة عبر برنامج جديد او وسيلة اعلامية اخرى.
وظهر مؤخراً الصحفي الأردني وحيد الطوالبة في عدة مقاطع فيديو، تم تداولها على مواقع التواصل الإجتماعية بشكل واسع، بمظهر الناصح الأمين والحريص على مصلحة الشعب اليمني في الشمال والجنوب - حسب زعمه - معتقداً اننا نسينا او ظناً منه ان ذاكرتنا مثقوبة...
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى ان الطوالبة كان من المقربين لنظام صنعاء خلال الفترة من 1995- 1999، وعمل كمستشار إعلامي للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى ان الطوالبة كان من ضمن القوات العسكرية اليمنية التي احتلت مدينة المكلا في محافظة حضرموت في حرب 1994، وكان برفقة عبدالمجيد الزنداني، وعبدالوهاب الآنسي نائب رئيس الوزراء، ومطهر تقي وكيل وزارة الاعلام، وصالح عباد الخولاني محافظ حضرموت.
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى كيف كان يهاجم الجنوبيين في كتاباته، مرة بوصف مطالبهم بالغير المشروعة وبانها مجرد مشاريع مدعومة خليجياً تهدف لتقسيم اليمن. ومرة اخرى بمحاولة تذكيره بخلافاتهم وصراعاتهم الماضية وان اسبابها حبهم للسلطة، وكيف ان عدد من قُتلوا في احداث يناير 1986م بين علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وصل الى اربعة اضعاف من قُتلوا في حرب الانفصال عام 1994م. حسب زعمه
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى مديحه لعفاش وعن امتلاكه لكاريزما ومهارات شخصية، واصفاً إياه انه مثبت الوحدة اليمنية، وان له الفضل في اسقاط مشروع الانفصال، ومسامحته للجنوبيين بإصداره العفو العام عنهم.
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى ان الطوالبة وخلال عشر سنوات من ابعاده من اليمن في عام 1999، لم ينطق بكلمة واحدة للدفاع عن الجنوبيين وعن حراكهم السلمي، الذي انطلق في عام 2007، وعلى الرغم من ان له بعض الكتابات عن الجنوب وقضيته في عام 2009، والتي بدأها تحديداً بعد خرج علي سالم البيض عمان وإعلانه دعمه لمطالب الحراك الجنوبي، ولا استبعد ان هدفه كان طمعاً في المال او المكافأة.
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى تصريح الطوالبة في سبتمبر عام 2012، الذي بشر فيه الجنوبيين عن وجود تحركات عربية ودوليه للاعتراف بالقضية الجنوبية، مؤكداً ان الجنوبيين سيكون لهم دولة مستقلة في صيف 2013.
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى ان الطوالبة اعلن في عام 2017، ان سيتم تقسيم اليمن الى ست دول، مناقضاً ما قاله في عام 2012 عن قيام دولة الجنوب.
- ذاكرتنا ليست مثقوبة، ولم ننسى ظهوره حزيناً على مقتل عفاش، ومتهماً الحوثي بقتل قيادات المؤتمر وتأكيده ان لا احد مؤهل لحكم صنعاء لا الحوثيين ولا هادي ولا علي محسن، وان الشخص الوحيد المؤهل لحكم اليمن هو أحمد علي عبدالله صالح.
- واليوم ظهر الطوالبة، وأعلن ان الحوثي سيحكم الشمال، وعلى الجنوبيين ان يرتبوا أوراقهم استعداداً لكي يحكموا الجنوب، وهو بذلك يناقض مجدداً تصريحاته السابقة والتي قال فيها ان الحوثيين ليسوا مؤهلين للحكم.
وشتان بين من يدافع عن حقوق الشعوب المضطهدة، ويسعى لإحداث تغيير سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي يهدف الى الحافظ على حقوق الانسان وإضفاء قيم العدالة والرفاهية للشعوب وبين من يدافع عن فكرة او سياسة او حاكم أو حزب طمعاً في الحصول على المال أو المكافأة.
وأودّ في هذا المقام أن أشير إلى البيان الذي اصدره اكثر من 100 شخصية ممن يسمون انفسهم بـ(المثقفين العرب)، بتاريخ 9 مايو 2009، وكان على رأسهم فيصل جلول، وحمدين صباحي، ومنذر سليمان، وغسان بن جدو، ورسول الجشي، ليث شبيلات، عبدالوهاب القصاب، عبدالله السناوي واخرين، والذين أكدوا في بيانهم على وقوفهم الثابت الى جانب التيار الوحدوي اليمني في كل ما يتعلق بصيانة الوحدة والحفاظ عليها، وحذروا فيه أي صوت جنوبي مؤيد للانفصال، ووصفوه بمثابة جريمة اخلاقية ووصمة عار لا يمر عليها الزمن ولا يمحوها الغفران!! نقول لهم ان ذاكرة الشعوب ليست مثقوبة يا هؤلاء ...