اشكالية القراءة المتأخرة

2016-11-15 19:16

 

شهدنا الاسبوع الماضي الاعلان عن واحدة من أكبر مفاجئات العقد، والمرجح بانها ستغير كثيرا في مجريات الواقع السياسي، فالنخبة السياسية الدولية فقدت البيت الابيض، وعندما نتحدث عن فوز ترامب على منافسته الديمقراطية نحن لا نتحدث عن هزيمة للحزب الديمقراطي بقدر ماهي هزيمة للمجتمع السياسي الامريكي ككل، فترامب وان كان محسوبا على الحزب الجمهوري ففي الحقيقة لم ينخرط في الحزب الا مؤخرا، وليس شريكا في معظم سياسات ورؤى الحزب، بل ان كلينتون ربما قد تكون اقرب للجمهوريين من ترامب القادم من خلفية مختلفة تماما عن معظم رؤساء الولايات المتحدة منذ تأسيسها!

 

واعتقد ان وصفه بأنه رئيس من خارج الوسط السياسي يكفي للقارئ المتعمق في شئون ما وراء السياسية، ليعي انه متغير استراتيجي كبير في تاريخ السياسة الامريكية، تلقفته جميع دول العالم خصوصا قوى اليمين المتحفزة في اوروبا، كما تلقفته دول الإقليم، أما يمنيا فوفد الانقلابيين الذي انتقل الى سلطنة عمان بعد أن اخرج بغبائه المعهود المبعوث الأممي من صنعاء خالي الوفاض، استمع الى كلام من عراب السياسة العمانية عن تحولات هائلة سيشهدها البيت الأبيض لا يمكن معها الحفاظ على ذات السياسة الرمادية التي انتهجها اوباما تجاه الانقلاب في اليمن.

ولاشك انه من الأسلم لجميع اطراف النزاع اليمنيين الانتهاء من معالجة القضية خلال ما تبقى من فترة أوباما.

 

وفورا أعلن الانقلابيين الحوثيين حتى قبل ان يعودوا الى صنعاء –من الفزعة- انهم موافقون على مبادرة ولد الشيخ التي لو لم يتم القبول بها فمشروع القرار البريطاني في درج مجلس الأمن وجاهز ليصبح قرارا أمميا إلزاميا بالأجماع أو بالأغلبية وهو اجراء ستسقط بموجبه مقومات القرارات ذات الصلة.

 

في الحقيقة ان الجانب الحكومي بدأ مسلسل الانحدار منذ إقالة بحاح في ابريل هذا العام بشكل لافت، نتيجة لأداء الرئاسة والحكومة المصاحبة وطاقم المستشارين الأكبر في العالم، بالإضافة للفشل في احراز تقدم ميداني إضافي والفشل في تحقيق أي تقدم أمني او اداري في المحافظات المحررة منذ إقالة بحاح، حتى باتت هذه الجهة الموصوفة بالشرعية لغاية قرار مجلس الامن 2216 توصف لاحقا بأحد أطراف النزاع في جلسات وبيانات مجلس الأمن، في الحقيقة لقد شهدنا خلال الاسبوعين الماضيين ارتباك وتردد في موقف الحكومة حيال المبادرة الأممية، ففي المرة الأولى أعلنوا رفضهم استلام المبادرة، ثم عادوا وقابلوا ولد الشيخ واستلموها، ثم أعلنوا موقف رافض صريح وجاء في كلمة الرئيس هادي (لن نخون دماء الشهداء)، الا ان هذا ايضا ليس موقفا نهائيا، فما زال أمام أوباما في البيت الابيض حتى يناير القادم، عندها سيتغير الوضع تماما وربما سينسى هادي قميص دماء الشهداء.

 

السفيرالبريطاني لدى اليمن "إدموند فيتون- براون "قال في مقال صدر عنه مؤخرا ان " الخارطة تستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، وهو الإطار المتفق عليه دوليا للتوصل إلى حل بالتفاوض. وهذا القرار لم يكن الهدف منه أبدا "إعفاء حكومة الرئيس هادي من مسؤوليتها في التفاوض"  وأكد " أن بنود خارطة الطريق تشير إلى انسحاب ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح من المناطق التي احتلوها، بما فيها العاصمة صنعاء ومدينتي تعز والحُديدة وتسليم أسلحتهم الثقيلة.في المقابل، يُعيَّن نائب رئيس يحظى بمصداقية وقبول وطني واسع ليتولى "السلطة الرئاسية بالكامل"ويتولى عملية الانتقال السياسي المتصَوَّرة لليمن منذ 2012، والتي تفضي إلى إجراء انتخابات ديموقراطية وصياغة دستور جديد يحدده الشعب اليمني.

وختم مقاله بالقول "لقد آن وقت الحوار والتفاوض والتراضي".

 

خالد بحاح، الذي انطلق مؤخرا في زيارة أوربية أجرى خلاها العديد من اللقاءات وحاضر في أوكسفورد عن إشكاليات الأزمات السياسية، وحاضر في مركز Chatham Houseأمام مئتي مندوب يمثلون مؤسسات سياسية، في مشهد مغاير تماما لعبدربه منصور النائي بنفسه عن ضغوطات دولية تحاول إقناعه بمراجعة موقفه من مبادرة تطوي حقبته! تتشابه في الدور وتتكامل في الخطوات مع المبادرة الخليجية التي طوت صفحة سلفه.

 

في مقابلته مع قناة BBC  بدى بحاح أكثر ثقة بنفسه في هيئة رجل دولة تسامى على أخطاء الماضي، خصوصا في رده على سؤال المذيعة عن قرار اقالته في ابريل 2016 عندما أكد بأنه ذلك كان قرارا يتناقض مع القانون والدستور، الا انه ايضا أكد رفضه لأي حديث من قبيل الإطاحة بالرئيس هادي او اقالته، وعقب "الوطن أهم من الجميع وأعرف الرئيس هادي جيدا ومتأكد من انه سيقدم مصلحة الوطن اذا تأكد من أن هذا سيؤدي في نهاية المطاف لنهاية النزاع"، وأكد بأنه يحترم الرئيس هادي كرئيس حالي وسيحترمه بعد أسابيع او اشهر اذا أصبح رئيسا سابقا!. وذلك ليس كل شيء في المقابلة فمن أهم ما لفتتني دعوة بحاح عبر الفضائية ذاتهاللجماعات السياسية التي ما زالت تقف في المنتصف، للتحرك ولعب دور أكثر حيوية على طريق السلام، وهي مجموعات مورس بحقها التهميش والاقصاء سواء في عهد المخلوع أو هادي، ولابد ان المعطى القادم من البيت الابيض سيكون بعيدا عن الماضي.