بلى آن لتلك الحكمة أن تتجلى وتفتك من قيودها وتنطلق لتجمع الفرقا وتنقذ الغرقى ، سنتخطى من حضرموت الخير بإسلامنا وإنسانيتنا تلك الحدود الوهمية والمصطنعة والتي من تؤمن بها فقط هي قوانين السياسة ، لماذا لأنه يؤلمناجدا أن يصل الحال الى بيع النساء حليهن ثم متاع بيوتهن ، وقريبا ربما نرى من الرجال من يعمد إلى أخذ الطعام عنوة وجهرة حاملا سكينه ليدفع من يمنعه عن ذلك فهو لا يرى غير أولاد تركهم يتضورون جوعا ، ومن المؤسف أن آخرين قد زاد ثرائهم خلال هذه المأساة سواء كانوا في المناطق الملتهبة أو الآمنة فلا توجد عين تلاحظ فسادهم والحبل متروك على الغارب ، ونهب الموارد المحلية قائم على أشده ، ومصائب قوم عند قوم فوائد ، وهانحن مع هذا الحال على مشارف عامين نتيجتها أن من هم تحت مظلة واحدة صار يخون بعضهم الآخر ولكل واحد مشروعه الخاص به ، ويعطي كل واحد للآخر من طرف اللسان حلاوة ويروغ منه كما يروغ الثعلب ، ليزداد الغرق للجميع في مستنقع الاستنزاف والإحراج ، حتى صارالقتل بالجملة والفواجع أضحت ينسي بعضها بعضها ، وهنا نقول أما آن لهذه الدماء البريئة أن يسمع صوتها القائل : أوقفوا المنتفعين وتجار الحروب وافضحوهم فكم تاجروا بدمائنا وتسلقوا على أزماتنا ، وهنا تكمن الشجاعة الإنسانية والغيرة الاسلامية والنخوة العربية والتي بها نجعل حدا واضحا لتلك المكابرة والمغالطة سياسية كانت أو عسكرية ، فقد سئمها المتصارعون أنفسهم وصارت مفضوحة امام أعين العالم وبلغ الاحراج ذروته ، والمرؤة تقتضي أن تمد الأيدي الفاعلة والمعنية يدها لرجال الصلح والحكمة والقلوب ، والمقبولين في الوسط السياسي والمجتمعي ، وأن يخرج حزمة واحدة من المشهد كله كل من يحمل مشروع الهدم والدمار ، أو جعل القضية شخصية وإنتقامية ولم يرتقي إلى مستوى المسؤلية ، فقد سئم الناس وجوها لا يصاحبها إلا الشؤم والصراع ، نعم آن لحضرموت وعدن وتعز وصنعاء وغيرها أن تنهض بأبنائها من ذوي الكفاءة والأمانة والفكر الوسطي ، ختاما على القوى المؤثرة في المشهد أن تساعد ذلك الإطفائي الحكيم ليشق طريقه ليخمد النيران بين الإخوان والجيران ، نعم إفسحوا له الطريق ولن تعدموا وجوده ، فقد طال على الكل أن يعيشوا بأمان وعزة وإحسان ونهضة وعمران ، من غير تعال أو إستحواذ أو ظلم أو إفتتان، طائعين لله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في كل وقت وآن ...