إن الإصرار على وضع الشعب الجنوبي ونخبه وحراكه الثوري في حالة انتظار نادم حتى ينبئنا العارفون (ِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) ، أمر ليس من السياسة في شي .
فالمهندس حيدر العطاس ومعه فريق من أنصاره يصرون على تقمص دور العبد الذي قال لسيدنا موسى عليه السلام (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ) .
وفق المنهج العطاسي علينا أن نتجاوز لغة المنطق والسياسة والقواعد الآمرة للقانون الدولي التي تفسر تصريحاته الأخيرة لقناة الغد المشرق بإنها تشكل إرباكا وتشويشا على القضية الجنوبية .
علينا أن نستكين لفرضية غيبية مفادها أن شيئا ما يعرفه العطاس وحده ، ولا نعرفه نحن معشر البشر ، ووفقا لمنطق هذا الشي الغيبي مطلوب مننا التسليم بأن المقدمات تقود لنقيضها ، واتجاه البوصلة الجلي يؤشر الى خلاف ما يؤشر .
ياسادة ! أعينوني على الفهم فأنا لست نبيا كموسى حتى أقول (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) ، أنا مواطن يزعم أن يفقه ألف باء السياسة التي ترى في تصريحات العطاس الأخيرة تناقضا معيبا يقود إلى التشويش على القضية ، لا أستطيع أن أقرأ دعوته للقبول بمخرجات الحوار الوطني إلا على أنها دعوة لبقاء الوحدة اليمنية ، فمن لديه دراية بعلم التأويل فليسعفني به .
ياسادة ! هب انني سلمت بالمنطق التأويلي فمن عساه يقنع فقهاء القانون الدولي وصناع القرار السياسي الذين ليس لديهم خبرة بعلم التأويل ، من سيحميهم من الوقوع في شرك تفسير دعوة العطاس الأخيرة للجنوبيين بقبول مخرجات الحوار الوطني ، على أنها رغبة جنوبية في البقاء تحت مظلة وحدة صنعاء ؟!!! .
وإذا ما نظرنا لدعوة العطاس للجنوبيين بقبول مخرجات الحوار ، مضافا إليها دعوته في سياق نفس المقابلة لقادة الحراك الجنوبي المنضويين تحت مظلة السلطة بضرورة الفصل بين الحالة الثورية والمنصب الإداري ، وكذا رفضه المضمر لدعوة عيدروس بتشكيل حامل سياسي جنوبي ، كل هذه الحيثيات مجتمعة تجعل الصورة واضحة وجلية ، فالرجل يدعو ودون مواربة للبقاء تحت سقف الوحدة .
إن دعوة كهذه لا تعيب الرجل في شي ولا تقلل من ملكاته القيادية السياسية ، دعوة العطاس للقبول بمخرجات الحوار الوطني تحتم على الجنوبيين أن يعيدوا ترتيب أوراقهم السياسية ، فالخطوة الملحة التي لا تقبل التأجيل هي الإسراع بتشكيل الحامل السياسي الجنوبي . فلنعجل قبل فوات الأوان .