الإرهاب يسرق فرحة العيد من الأمهات

2016-07-12 14:36

 

ليس كل الأمهات في اليمن كانت على موعداً مع الفرحة بعيد الفطر السعيد هذا العام. أحتفلن بعضهن بالعيد مع أزواجهن وأولادهن، ودخلت الفرحة بيوتهن في هذا اليوم السعيد، وآخريات امتزجت فرحتهن بالأسى والحزن والألم، لخسارة حبيباً أو قريب لُهنَ، راح ضحية الحرب التي وصلت مآسيها وويلاتها إلى معظم الأُسر والبيوت اليمنية، أو ضحية التنظيمات الإرهابية ( القاعدة وداعش) الأكثر تسبباً في حالة حزنهنَ لقتلهما خيرة الشباب أو بتضليلهم والتشويش على عقولهم وإستقطابهم إلى صفوفها.

 

لا تكتمل فرحة العيد في بعض البيوت والأُسرإلا بإكتمال فرحة الأم، التي تعد الأكثر من غيرها في الأسرة تدفع الثمن والتضحية والسهر والقلق على راحة أبنائها وزوجها. وتكمتل فرحتها بحضور أفراد الأسرة ومشاركتهم لها فرح العيد، وتغيب الفرحة عن بيوت أخرى، بعد أن تحولت إلى معقلاً للحزن؛ لغياب فرحة الأم بالعيد لخسارتها الأبن أو الزواج أو الأخ الذي راح ضحية الحرب أو العمليات الإرهابية أو تركه الأسرة بعد أن وقع في فخ الجماعات الإرهابية المتطرفة واستقطبته إلى صفوفها. وتتعكر فرحة الأخريات لشعورهنَ بالغلق والخوف لغياب أبنائهنَ للقيامهم بتأدية واجبهم في مناطق بعيدة، ويشتت خوفهن عليهم تفكيرهنَ في هذا اليوم، ليكررن اتصالهنَ بهم للأطمئنان عليهم، وعلى صحتهم وأمنهم، لازدياد المخاوف عليهم من غدر الجماعات الإرهابية وأساليبها الرخيصة والجبانة التي تستخدمها لإراقة دماؤهم.

 

لم تعد حالة الحزن عند الأمهات لخسارتهن أبنائهن الذين راحوا ضحية التنظيمات الإرهابية، تظهر في الأعياد والمناسبات فقط ! كما يرى البعض، لكنها حالة مستدامة تلازمهن باستمرار، كما أصبح الخوف على أبنائهن مسيطراً عليهن؛ لاسيما مع ازدياد ما تخلفة لهنَ العمليات الإرهابية من رعب ومآسي وصدمات نفسية. ولعل صوت الرنين الصادر من جوال أحد القتلى في تفجيرات المكلاء بحضرموت في 27 يونيو العام الجاري لا زال يتردد إلى اللحظة على مسامع المناوبين في المستشفى الذي نقلت اليه الجثث الذين لم يكبتوا دموعهم عندما وجدوا أن الرقم المتصل " أمي تتصل" - أم الجندي الذي قتل - هو أحد علامات حالة خوفها عل أبنها.

 

لم يستوطن هذا الوضع الأنهزامي حياة الأم اليمنية من قبل، ويكسر إرادتها ويعيق حريتها ويجعلها تظهر بهذا الحال الاستسلامي كما هو في الوقت الراهن . الأم اليمنية كانت سباقة منذُ القدم في صناعة المستحيل لوقوفها بقوة أمام كل الصعاب، متحدية بإرادتها وشجاعتها المعروفة كل المحَن وخروجها في وجه الظلم رافضة الرضوخ له. ومن الواجب اليوم على الأم أن تتذكر تاريخ الملكة "أروى بنت أحمد" لتستمد منه القوة للخروج من هذا الوضع الانهزامي الذي تعيش رهينه له ، والوقوف بقوة في وجه التحديات التي تسلبها أفراحها، والتحرك لكسر جمودها الذي يجعلها فريسة للخوف والحزن والألم. حان الوقت لترفع رأية التحدي عالياً في وجه التنظيمات الإرهابية وأنشطتها المدمرة؛ لتحصين أبنائها من الفكر المتطرف؛ ولتبرهن عدم سكوتها عن أي فكر إرهابي يهدم سلوك المجتمع.

 

إن شعوري بالألم وأني أرى أمي وبعض الأمهات يحاولنَ إخفاء أحزانهنَ، والتظاهر بالفرح يوم العيد وحبسهنَ دموع الحزن لفقدانهنَ أبنائهنَ أوأزواجهنَ وإخوانهنَ، يدفعني أن أقول لأمي ولكل الأمهات "كفى رضوخاً لواقعاً لا يرحم! كفى تقوقعاً والانتظار للمجهول أو لمن سيأتي ليعيد فرحتكن بالعيد والحياة. التي لن تعود إلا بقيامكنَ بالمبادرة بانفسكن ومحاربتكن الفكر المتطرف وتجفيف منابع الإرهاب، ولو حتى المرتبط تجفيفه بإستعادة الأم دورها التوعوي المفترض في الأسرة، عليكن التحرك للقيام بواجبكن المنتظر، ونحن الشابات سنكون سنداً ورافداً مكملاً لأنشطتكن ومبادرتكن للحفاظ على المجتمع. ولنتذكر قول الشاعر الكبير حافظ ابراهيم "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق".

 

[email protected]