يوم عن يوم يتأكد لي وبالدليل المادي الملموس وكواقع على الأرض أراه وأقرأه وألمسه رغم محاولاتي المتعددة لإقناع نفسي الأمارة بالسوء بإنها مجرد وساوس شيطانية وتوجسات خيال يجمح بي بعيدا ولكن مرور ما يقارب الشهرين على إعلان تشكيل المقاومة في الشمال والدعم اللامحدود الذي حظيت به من دول التحالف العربي عسكريا وماليا ولوجستيا دون احرازها لأي تقدم حقيقي يذكر على الأرض حتى الأن مقارنة بما حققته وتحققه المقاومة الجنوبية - الأقل عددا وعدة وعتادا - في كل الجبهات كان آخرها تحرير الضالع بشكل كامل ، كل هذه المفارقات بين المقاومة الجنوبية والمقاومة الشمالية هو ما جعلني الأن اكثر قناعة وإيمانا وبأن شكوكي وظنوني التي أنتابتني ذات حين لم تكن خناسا بل هي الحقيقة والحقيقة الصادمة التي لن اتزحزح عنها حتى يثت عكسها ، وهي حقيقة ان لا وجود فعلي لمقاومة شمالية ضد الحوثي والمخلوع على أرض الواقع وإن كانت قد توفرت كل مقومات وجودها عتادا وعدة وعددا ولكنها تظل مقاومة تراوح مكانها لإنتفاء المصداقية لدى القائمين عليها توجيها وإشرافا ، فهي حبيسة الهواجس والتخوفات والحسابات الشيطانية الضيقة لمراكز قوى شمالية كعلي محسن الأحمر وحزب الإصلاح وقوى قبلية أخرى تدعي عدائها للحوثي والمخلوع وتتمنى الانتقام منهما في قرارة نفسها ولكنها بحسابات ان ينفصل الجنوب تفضل القتال تحت لواء الحوثي والمخلوع .
وقد أزداد خوف هذه القوى اكثر بعد فشل مليشيات الحوثي والمخلوع من بسط سيطرتها على الجنوب والقضاء على مقاومة ابنائه المطالبين بفك الارتباط عن الشمال وتحقيق المقاومة الجنوبية إنتصارات على الأرض وأشتداد عودها وكل هذا جعل تلك القوى الشمالية تفكر الف مرة قبل الإقدام على اي صدام مسلح مع المخلوع والحوثي أعداء اليوم أحبة الأمس قد يجعلهما معا يخسران الجنوب باعتباره البقرة الحلوب والدجاجة التي تبيض لهما ذهبا .
وقد زادت هذه المخاوف وتعاظمت بعد سقوط الضالع بيد المقاومة الجنوبية وتطهيرها من مليشيات المحتل الحوثعفاشي بشكل كامل وهذا بالتاكيد عزز تلك المخاوف وأربك المشهد السياسي والعسكري لتلك القوى وخلط الأوراق والحسابات بما يؤثر سلبا على النوايا لديها وعلى مجرى سير العمليات القتالية هذا على فرض إن وجدت أصلا لدى القائمين على المقاومة الشمالية نية صادقة للقتال ، لأنهم يدركون أن هذا سيجعلهم بين شقي الرحى المتمثل بقتال الحوثي المخلوع والشعور بالخوف والتوجس من انتصار المقاومة الجنوبية وسيطرتها على التراب الجنوبي ولا سيما خشيتهم من إسقاط قاعدة العند بيد مقاتلي لواء جواس في حال نشوب قتال حقيقي بين محسن وانصاره من جهة وبين الحوثي والمخلوع من جهة أخرى لذلك ستظل المقاومة في الشمال تترقب وتراوح مكانها بين الخوف من شبح انفصال الجنوب أو الرضاء والخنوع لحكم الحوثي والمخلوع في سبيل الحفاظ على جزء من مصالحها بدلا من خسارتها كاملا مطبقة مبدأ انا وأخي على ابن عمي.
لذا ارى ان المقاومة في الشمال لن تقوم بحرب حقيقية ضد مليشيات الحوثي والمخلوع إلا متى ما حصلت على ضمانات حقيقية من دول التحالف تضمن بقاء الجنوب تحت سيطرة مراكز القوى الشمالية وعدم فك ارتباطه عن الشمال بأي شكل من الأشكال كعدم تسليح المقاومة الجنوبية وتزويدها بالسلاح النوعي ونزع وتدمير ما لديها من اسلحة حصلت عليها اثناء سير المعارك وأن تضمن دول التحالف عدم مهاجمة المليشيات الشمالية في الجنوب ووقف اي تقدم للمقاومة الجنوبية قد تنجح في القيام به على حساب المليشيات الحوثعفاشية بما يضمن عدم انتصار المقاومة الجنوبية لحين القضاء على الحوثي والمخلوع في الشمال وتحرير صنعاء كشرط ضامن لبقاء الجنوب تحت سيطرة صنعاء بذريعة الحفاظ على الوحدة وهذا هو ما تضغط به قوى شمالية كمحسن والشائف والإصلاح وبقية القوى المعارضة للحوثي والمخلوع على السعودية وإلا فإنها لن تقاتل إلى جانب التحالف بل وستدعم المخلوع والحوثي وهي حقيقة تدركها السعودية جيدا وتعلم بعدم صدق النوايا لدى هذه القوى وإنها أنما تستنزف المال والسلاح والوقت ليس إلا وهذا ما خبرته المملكة خلال 33 سنة مضت ، ومع هذا لم تيأس السعودية بل وتحاول إجراء آخر اختبار لمصداقية أو عدم مصداقية هذه القوى لتعريتها أمام نفسها اولا وامام قواعدها ثانيا فإن لم تقم هذا القوى بواجبها وتعهداتها وهذا ما سيحدث فعلا من وجهة نظري فإن المملكة ستتجه جنوبا وتدعم بكل قوة المقاومة الجنوبية وتترك المقاومة في الشمال تختار الطريق الذي يروق لها ولو ادى بها ذلك إلى إبرام صالتحالفات مع المخلوع والحوثي ذاته لانه سيكون تحالف في الوقت الضائع وبعد فوات الأوان إذ سيكون بمثابة تحالف العاجز مع المهزوم.