كنت اتمنى أن ابدأ سلسلة مقالاتي بربط تاريخي عن الهوية الجنوبية كيف بدأت ؟وكيف تشكلت ؟من واقع التاريخ الضارب في حياة الأرض والإنسان الذي نشأ في جنوب الجزيرة العربية ولاشك أن لدى الكثير ممن قرأوا التاريخ من القراء الكرام سواء منهم من كان على مقاعد الدراسة او ممن له اهتمامات بالثقافة والمطالعات والإبحار في بطون التاريخ ولا زال يتذكر ولو سطورآ قليلة من ذلك التاريخ لاشك انه لازال يحتفظ في ذاكرته ببعضه رغم ان الزيف والتدليس قد طال الهوية الجنوبية في اطار الحملات المتعاقبة منذ الخمسينيات من القرن الماضي وقد قررت تفنيد ذلك في مقالات لاحقة .
ولكن دعونا نحصر مقالنا اليوم في البحث عن الهوية الجنوبية الضائعة...فما يجري اليوم على الساحة السياسية في اليمن من أحداث متلاحقة ليس الا امتداد تاريخي لما جاء قبله ..ولاشك انه يجري بتوافق اقليمي ودولي ..في اطار المصالح الاستراتيجية لتلك الدول ولو كان الثمن باهظآ ومن دماء شعب الجنوب الذي مضت عليه سنوات وهو يتظاهر في الساحات يطالب باستعادة حريته وكرامته ..وانا أعلم مسبقآ أن الاتهامات ستطالني على ما أقول فهي جاهزة للإشهار كسيوف مسلطة على أصحاب الرأي او من يحاول مجرد الخروج على النص الذي سمحوا به والخروج عنه جريمة لا تغتفر..
وسينعتون من خرج عليه بشتى التهم فهؤلاء تهمهم مصالحهم بالدرجة الاولى ..
ولا زلنا نتذكر أن الإنجليز هم من بدأ تلك المخططات الجهنمية ولا زالوا وبرلمانهم يشهد باللوحة المكتوبة على مدخلة التي تقول (من هنا تخرج سياسة العالم ) وهم عندما يرسمون سياساتهم وخططهم ليس لعقد من السنين بل لقرن كامل ..
وقد قالها الضابط البريطاني "الميجر فرنسيس" علانية وهو يمهد لإسقاط امارات شبوة آنذاك من خلال تواجده في عتق وتوزيعه المال والسلاح لمساعدة الجبهة القومية في اسقاط تلك الامارات قال ذلك عندما قابله الشيخ فريد بن محسن نائب أمير العوالق والرجل القوي في تلك الفترة قال له: (بريطانيا ليس لها اصدقاء دائمون بل مصالح دائمة )
وفي ذروة القتال في منطقة حطيب في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي والمحاولات البريطانية لإخضاعها للنفوذ البريطاني ومعارضة سلطان العوالق العليا عوض بن صالح على ذلك حيث كانت قبائل آل شمس الربيز تتصدى للقوافل العسكرية البريطانية آنذاك وفي اطار المساعي الإنجليزية معهم كتبت لهم ادارة المعتمد البريطاني رسالة طويلة جاء في آخرها ما يلي :
(ان الزيود يعطونكم اليوم ملأ بطونكم وغدآ سيعطونكم الموت والهلاك انكم أضعتم بلادكم ولا يمكنكم أن تعودوا اليها وستكونون مرغمين على العيش خارجها)
وهذا ما حدث مع الحزب الاشتراكي(اليمني) عندما ذهب بشعب الجنوب في وحدة اندماجية عام 1990م ودفع خلال الفترة الانتقالية ثمنآ باهظآ لذلك عندما تم اغتيال أكثر من 150 من قياداته وكوادره ثم مالحق ذلك من تدمير دولة الجنوب وكامل مؤسساتها وابتلاع كامل ارض الجنوب بخيانات وتواطؤ بعض ابنائه مقابل مناصب صورية هزيلة وحفنة دولارات ..
وهذا هو حالنا اليوم ولا زال العرض والطلب على بيع ماتبقى من ارض الجنوب بصكوك مغلفة بشرعية زائفة من ابناء الجنوب أنفسهم !!..
وبالعودة الى سياسة الإنجليز قد يقول البعض منا ..كيف يقول الإنجليز هذا الكلام وينفذون ما يناقضه ..وأقول لكم نعم لقد تغيرت سياستهم بعد حرب السويس عام 1956م بعد المد الناصري وارادوا الإنسحاب من كافة قواعدهم شرق السويس
وهنا الفرق عندما كانت الامارات المتصالحة (الامارات العربية )اليوم عندما كانت مستعمرة والكويت كذلك خرج الإنجليز منها بطريقة مختلفة عن الجنوب رغم وجود أكبر قاعدة عسكرية في عدن تدير قيادة عمليات الشرق الأوسط ومع ذلك قررت الخروج منها ، اتدرون لماذا؟؟
حتى تعتبر شعوب الخليج مما سيجري في الجنوب من أحداث امتدادآ لتصدير الثورات ابان المد الناصري ..والكل في الخليج يعرف التقدم الحضاري الذي وصلته عدن قبل الكويت ودبي وابوظبي وقطر والبحرين بمراحل طويلة .
كل تلك الخطط البريطانية المشئومة كانت مقررة لشعب الجنوب ومستقبله بعد المد الناصري ليتدمر على أيدي ابنائه وهذا ما حصل ولا زال يكيل فيه حتى اليوم ..
فتأملوا من حولكم من ابناء الجنوب او ممن يسمون أنفسهم بالقيادات التاريخية وهم يبيعون قضية شعب الجنوب ويزايدون عليه في سوق النخاسة الدولية مقابل مناصب زائفة اوحفنة من المال ولا داعي للإفصاح أكثر من ذلك فهم سيطلون عليكم عبر الفضائيات في القريب العاجل وهم يرتدون لباس الوطنية ومسوح الرهبان والمخلصين لكم من ادران الذنوب والمظالم التي لحقت بكم
(وللحديث بقية وهو ذو شجون والى اللقاء في الحلقة القادمة)
* الحلقة السابقة : اضغـــــــــط هنــــــــا