بالرغم من الشوط المتميز الذي قطعه رواد الحراك الجنوبي في الظروف الشاقة التي تحيط بهم حيث استطاعوا ان يعيدوا الاعتبار للقضية الجنوبية وفي إظهارها كقضية عادلة ، إلا إن الحراك لم يستطع أن يوجد إطاراً سياسياً منظماً ، قائماً على عمل مؤسسي موحد ، وفقا لرؤية سياسية وقيادة سياسية موحدة ، معبرة وفاعلة ..
قبل ايام خرج علينا مجلس الحراك الثوري ببلاغ صحفي معلنا عن استكمال وانجاز هيئاته القيادية المختلفة داعيا إلى عقد اجتماع القيادة العامة في يناير الماضي , لنتفاجأ بعد ذلك ببيان صادر عن رئيس ذات المجلس “ الجديد القديم” ينسف كل ما جاء به البلاغ السابق, وليرد عليه ببيان آخر لتبدأ معها حرب بيانات لا تخدم قضيننا , لسنا هنا بصدد تفنيد محتوى تلك البيانات وتصادمهما ولكنا نقف على الفعل ذاته وما رافق اجتماعات العاصمة “عدن” من لقاءات هامشية و نزولات للمحافظات لتمرير خطة للإيغال في شق الصف الجنوبي تحت يافطة الحفاظ على وحدة الصف أي ”كلمة حق يُراد بها باطل” والحقيقة اننا نرى بها من الغرابة ما يدعونا للتوجس من عقدها أساسا وفي هذا الظرف تحديدا والمخاض الذي تمر به ثورتنا وتموج به الساحات.
لقد أخذنا مواقف البعض من القادة وتصريحاتهم كما هي دون ان نغلفها بتكهنات تجرنا إلى المساوئ وبذات الوقت أخذنا نرّقب كل ما يصدر عنهم بعين الريبة منذ فترة, أي قبل ان يتبنوا إعادة إحياء ما سمي “بالجبهة الوطنية” بفترة طويلة, وأصبحنا لا نستسيغ حماستهم المفرطة نظير تسويق مشاريع غلفوها بمبدأ التحرير والاستقلال دون الإفصاح عن ماهية الوصول إلى ذلك, فربما يكون عبر الفيدرالية أو القفز بنا للوراء وشطب مرحلة تاريخية مر بها الجنوب لتكون النتيجة إما العودة بنا إلى باب اليمن أو إلى ما قبل “1967م” أو قد يكون الأمر أدهى وأمرّ من ذلك وبآلية لم تخطر لنا على بال, فكل شيء أصبح جائز ومباح في نظرهم.
لقد تجنبنا في الفترات الماضية أن نطرق هذا الباب واكتفينا بالتلميح والمطالبة للعمل بشفافية في نطاق قيادات المحافظات على اقل تقدير لا ان يقتصر الأمر على الرئيس ونائبه وتظل البقية أذيال وتبع لهم وبلغت مطالبتنا حد الاستجداء على أمل أن يفيقوا من تلقاء أنفسهم ولكي لا يتم أيضا توظيف مطالبتنا بتصحيح الوضع من قبلهم أو من قبل البعض الآخر لتشويهنا وتصويرنا بأننا من دعاة شق الصف, ولكن طفح الكيل و بلغ السيل الزبى وبما انه طال أمد الاستخفاف بنا, وصمتنا عن ما يجري اليوم قد ندفع ثمنه غدا, أصبح لزاما علينا أن نقرع أجراس الخطر بمحاذاة آذانهم مباشرة لعل وعسى أن يفيقوا مما هم فيه ويعودوا إلى صوابهم احتراما لتضحيات هذا الشعب الصابر على بلاويهم و قبل أن يخسروا البقية الباقية من مكانتهم, والتي انحسرت وتقلصت بشكل كبير.