حزب الاصلاح وطلبنة الجنوب هل وصلت منتهاها ؟؟
د. حسين لقور بن عيدان
تسارعت المتغيرات في الساحة الجنوبية ووصلت ذروتها باحتفالات الـ 30 من نوفمبر الماضي التي بعثت رسالتها القوية لأطراف اقليمية ودولية كثيرة لتلتقطها دول الجوار والقوى الدولية وتبدأ مرحلة جديدة تمثلت بالدعوات الصريحة من اطراف عدة للاعتراف بان القضية الجنوبية وحلها بما يرتئيه ويرتضيه أبناء الجنوب هي أس ومرتكز كل التسويات في هذا البلد وأقرت بان شعب الجنوب قد قرر نهاية هذا الصراع وان الاعتراف بحقه في تقرير مستقبل الجنوب هو الحل الامثل.
سعت قوى الحكم النافذة منذ انطلاقة الحراك بتكثيف نشاطاتها التخريبية في الجنوب وأرسلت صنعاء قاعدتها الى الجنوب بعد ان حاول الرئيس المخلوع استغفال العالم وإيهامه ان الجنوب سيكون مرتع للقاعدة وبعد كل المجازر والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبت في عدد من محافظات الجنوب وتمثلت بأعظمها وأكثرها همجية ووحشية بمجزرة المعجلة عشية الـ 17 من ديسمبر 2009، وبعد ذلك ارسل علي محسن انصاره من بقايا الجهاديين وتسليم ابين لعناصر ما يسمى انصار الشريعة التي تصدى لها ابناء الجنوب وافشلوا مخططاتها اخيرا بالاحتفاظ والبقاء في أبين وصد المواطنين الجنوبيين هجمات انصار الشريعة ومنعها من الاستيلاء على مدينة لودر .
هذا الفشل دفع قوى صنعاء لإخراج كرت حزب الاصلاح الذي ما انفك يثير الفوضى في الجنوب كما لاحظ ذلك المراقبون , الذي عمل على تفريخ تجمعات قبلية ومنظمات مجتمع بمسميات جنوبية في محاولة بائسة للالتفاف على الحراك السلمي الجنوبي مدعوما بقوى النفوذ في صنعاء المكشوفة لدى كل الجماهير الجنوبية، واتفقت هذه القوى في صنعاء على تسليم السلطة السياسية في عدن وشبوة الى قيادات اصلاحية وإحداث تغييرات ادارية لصالح طلبنة هذه المحافظات من خلال تقاسم الوظائف العامة وتسخيرها لتحقيق اهدافها في تجاوز مطلب شعب الجنوب في الخروج من هذه الوحدة واستعادة هويته ودولته بعد ان اساء الاخوة في صنعاء الى شعب وارض الجنوب.
هذه المحاولات هي الاخرى بدأت ملامح انهيارها تظهر للجميع خصوصا بعد النجاحات الكبيرة لقوى الحراك في عقد مؤتمراته في عاصمة الجنوب الابدية (مؤتمر المجلس الاعلى والمؤتمر الوطني لشعب الجنوب) وكذلك الدعوة الاخيرة التي تلقتها عدد من الشخصيات الجنوبية في الخارج مستبعدة بذلك عناصر حزبي الاصلاح والمؤتمر ( الجنوبية على اعتبار انهم تابعين لقوى النفوذ في صنعاء والحوار يتم مع قياداتهم ) من هذه الدعوة وهذا اللقاء الجنوبي -الخليجي ,واللقاء مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي لتوضع القضية الجنوبية على طريق الرعاية الاقليمية والدولية ويظهر للعالم ان القضية الجنوبية هي قضية شعب ودولة لا يمكن تجاهلها بعد نضال دفع فيه الجنوبيين الالاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين.
هذه المتغيرات وضعت مشروع طلبنة الجنوب الذي يقوده حزب الاصلاح اليمني تحت المجهر بل والبدء بمحاصرته والقضاء عليه لان خطره يتجاوز حدود الجنوب الى دول الجوار ( في إطار برنامج الأخونه الدولي) .
إن الطريق اصبح اليوم ممهدا امام القوى الجنوبية التي تناضل من اجل استعادة هوية وحرية وتقرير مصير الجنوب شريطة العمل بسرعة على عقد مؤتمر الحوار الجنوبي - الجنوبي للقوى المنادية بفك الارتباط عن دولة صنعاء وتقديم تصورات مأمونة ومطمئنة لما ستكون عليه منظومة الحكم القادم في الجنوب والتي يجب عليها اعتماد أرقى النظم الفيدرالية وأوسعها مساحة لتستوعب كل التنوعات المجتمعية في الجنوب ولطمأنة بعض الجنوبيين المتوجسين من عودة وتكرار التجربة السابقة في الجنوب خصوصا مع ترداد شعارات استعادة الدولة واستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية (دون وعي بمضامين ما يعنيه هذا الشعار) وإدراك لما تعنيه تلك العودة من مضامين سياسية وقانونية ودستورية لم يدرك كنهها الكثير وقد يغفل عنها البعض , وتعطي بعض المتوجسين الحق في توجسهم .
هذه التطورات ومؤشرات التوافق الجنوبي اصبحت تضغط على ممثلي قوى النفوذ في الجنوب وتحشرهم في زاوية ضيقة فاما ان يكونوا مع شعبهم او يظلوا تابعين لرموز الاحتلال في صنعاء مما يجعل هامش الحركة لديهم محدود ويجعلهم امامهم طريقين لا ثالث اما الوقوف مع قضية شعبهم بوضوح دون تلاعب بالإلفاظ والحرفنة السياسية الممجوجة او الاستمرار في نهج طلبنة الجنوب لصالح قوى النفوذ في صنعاء وهي التي بدأت تخسر معركتها في الجنوب.