الإقامة الجبرية وعيدروس الزبيدي: تلاعب الإعلام بعقول الناس
الاخبار المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي والتي تزعم أن المملكة العربية السعودية وضعت عيدروس الزبيدي تحت الإقامة الجبرية، لا يمكن تصديقها أو حتى الالتفات إليها. وتثير الضحك والاستهزاء، وتعكس مدى السخافة التي وصلت إليها الجهات المسؤولة عن تسريبها، إذ تبدو وكأنها مشاهد من أفلام هندية تفوق الخيال.
أولاً، إن انفصال الجنوب عن الشمال يصب في مصلحة السعودية، كما أشرنا الى ذلك في تحليل سياسي سابق. فالوحدة بين الجنوب والشمال بكل صورها واشكالها لا تخدم مصالح النظام السعودي الملكي والأسري على الاطلاق. وبما ان عيدروس الزبيدي يمثل إرادة الشعب الجنوبي في الاستقلال ويتبنى قضيته العادلة، فهذا يعني أنه ليس من مصلحة السعودية وضعه تحت الإقامة الجبرية.
ثانياً، إذا افترضنا جدلاً أن السعودية تسعى لفرض الوحدة بالقوة بين الشمال والجنوب، فإنها لن تلجأ إلى وضع عيدروس الزبيدي تحت الإقامة الجبرية لتحقيق ذلك. فهي تدرك أن الوحدة لا يمكن أن تتحقق بهذه الأساليب العدمية، وأن الاستقلال هو هدف شعبي يعبر عن إرادة الجماهير. لذا فإن وضع عيدروس تحت الإقامة الجبرية لن يؤثر على هذا الهدف؛ فعيدروس الزبيدي مفوض من قبل الشعب الجنوبي بتحقيق الاستقلال واستعادة دولة الجنوب واي تصرف خارج مضامين هذا التفويض يعتبر لاغي وغير شرعي ولا يعبر عن ارادة الشعب الجنوبي الذي فوضه بتحقيق الاستقلال واستعادة دولة الجنوب وكفى..
ثالثاً، لا تستطيع السعودية اتخاذ هذه الخطوة؛ إذ إن تدخلها في اليمن جاء بموجب قرار دولي لا يمنحها حق التصرف خارج هذا القرار إلا بإيعاز من الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وبالتالي، فإن وضع عيدروس الزبيدي تحت الإقامة الجبرية يعد انتهاكاً للقرار رقم 2216 الذي عهد اليها ومعها بقية دول التحالف العربي بمهمة التدخل في اليمن،لاغراض معينة ومحددة، فضلاً عن كونه انتهاكاً لكل المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية والأخلاقية والدينية.
رابعاً، الإمارات العربية المتحدة التي تدعم عيدروس الزبيدي بشكل سخي في جميع المجالات العسكرية والاقتصادية والتنموية والسياسية والدبلوماسية لن تسمح بذلك أيضاً. ولن تقف في موقف المتفرج على قيام السعودية بوضع عيدروس الزبيدي تحت الاقامة الجبرية ..
خامسا، نظرًا لالتزام عيدروس الزبيدي باتفاق الرياض وإيمانه بالحل السياسي للقضية الجنوبية ومنهج التفاوض، كما عبر عن ذلك في جميع المحافل والبيانات والتصريحات والمناسبات فلا يوجد ما يبرر وضعه تحت الإقامة الجبرية في السعودية أو منعه من العودة إلى عدن.
سادسا وأخيراً، يجدر الذكر أن نيلسون مانديلا وُضع في السجن الانفرادي لمدة خمسة وعشرين عاماً ولم يؤثر ذلك على إرادة الشعب في جنوب أفريقيا؛ بل زادهم تمسكاً وإصراراً بقضيتهم حتى تحقق الهدف الذي ناضلوا من أجله في نهاية المطاف.