ليس بالأمر الهين أن يكون الإنسان صامدا لأكثر من ثلاثين يوماًَ تحت القصف الجوي والبري والبحري في منطقة جغرافية صغيرة تقدربـ 360 كيلو متر مربع وتضم ما يقرب من مليوني نسمة على ترابها المملؤ بالقنابل وفي أجوائها المفعمة بالغازات الباروتية السامة.
كما أنه ليس غريباً على المجاهدين من كتائب القسام وبقية فصائل المقاومة أن يتمتعوا بقدرة فائقة على التحمل والصبر والثبات رغم الحصار الأليم الذي لا يزال يطبق عليهم على الرغم من انحسار ثمان سنوات عجاف من تاريخ هذا الحصار الذي أكل الأخضر واليابس حتى طال الحجر الصم في كل غزة ناهيك عن البشر والشجر !
فحينما نسمع من محللين وقادة عسكريين من أمريكا " الأب الحنون للكيان الصهيوني " يقولون أن كتائب القسام هي الأكثر تدريباً وكفاءة ومهارة قتالية في هذا العالم كما جاء ذلك خلال مقال في صحيفة واشنطن بوست قبل أيام لايدع ذلك مجالاً للشك في قدرة المقاومة الإسلامية ليس لأن الامريكان أكدوا على صلابة هذه المقاومة ولكن بسبب الإبداعات والمفاجآت المتلاحقة التي قدمتها كتائب القسام وأذهلت بها العالم بأسره من خلال صمود وإبداع ومهارة في القتال إضافة إلى استراتيجية حربية تتمتع بالتغير المستمر وفقاً للضرورة.
فما قدمته كتائب القسام أبتداءً من عملية الضفادع البشرية ومروراً بالطائرات القسامية بدون طيار وأنتهاءً بعملية ناحل عوز وقبلها عملية كرم ابو سالم خلف خطوط العدو إضافة إلى بندقية القنص " غول " والتي كشف القسام عنها مؤخراً يؤكد بشدة أن المقاومة في غزة لم تعد مجموعات عادية تقاتل عدو مجرم غاشم بل باتت جيش حقيقي يستحق أن نقول فيه وبجدارة هو صاحبها طبعاً أنه الجيش الأكثر صلابة وتماسك وجأش وأخلاق في هذا العالم لما قدمه من بطولات رائعة لم يتوقع أحد في هذا الكون أن شعب يعيش تحت حصار مشدد يستطيع أن يفعل ما فعله هذا الجيش الغزاوي الإسلامي .
كنا زمان بل وحتى أمداً قريباً نجهل أن أحداً بمقدوره هزيمة الكيان الصهيوني الأكثر تكنولوجيا وقوة عسكرية في الشرق الأوسط كله ورابع أو خامس أقوى جيش بهذا العالم كما كان يردد الكثير من المرتجفين من بني جلدتنا ، لتأتي حرب العصف المأكول وتكشف عن هشاشة هذا الجيش ودنائته الإنسانية.
من كان يصدق أن العدو الصهيوني سيقدم على تسريح نحو 30 ألف من جنود الأحتياط بسبب فشلهم في تحقيق النصر لإسرائيل كما قال " النتن ياهو " رئيس وزراء بني صهيون خلال مؤتمر صحفي لم يستطيع خلاله إظهار حزنه وتألمه وصدمته بهول الهزيمة المفجعة لهؤلاءِ المجرمين القتلة نازيو العصر الحديث .
لقد أضحت المقاومة الفلسطينية الجيش العربي الإسلامي الذي كنا نأمل في تواجده يوماً ما ليعمل قتلاً في بني صهيون أخوان القردة والخنازير ، بعدما مات الأمل الذي كان في قلوبنا من جيوشنا العربية المخصصة للاستعراضات العسكرية والتبجح في المناورات الهزلية كما نسمع عنهم ونشاهدهم في وسائل إعلاهم كل يوم .
وأخيراً على الرغم من تعنت بني صهيون إلا أن المقاومة الفلسطينية في غزة هاشم مستعدة لكل الاحتمالات بعدما تنتهي الهدنة صباح الجمعة بل وستكون هي المبادرة في إطلاق الصواريخ نحو المدن الصهيونية حتى تبرهن للعالم أن عزيمتها لازالت متوقدة صلبة لا تهزها الرياح العابرة .