عدن..بعد العداوة تحتضنهم‎

2015-03-09 07:23

 

 

حقيقة هو أمر لا يصدق ما يحدث الآن في مدينة عدن الجنوبية وفي كل مدن الجنوب عموماً ، مدينة عدن التي ضرجت بالدماء يوما ما ونهبت ممتلكاتها وسلبت أراضيها واعتقل أبناؤها وقتل فلذة أكبادها بدم بارد في الطرقات وبين الأزقة وعلى جوانب السبل .

 

تلك هي عدن التي تم طعنها في تلكم الأيام السوداء بخنجر مسموم في ظهرها ومن قبل من ؟ من قبل أحفادها وأبنائها العاقين لها في ما مر من زمان ؛ وعلى الرغم من تكبدها الويلات والخسائر الفادحة في مختلف أصعدتها السفلية والعلوية ، وما أصابها من ألماً أدماء جبالها الشامخة وأبكاء بحارها الواسعة  إلا أنها وبعد تلك الفترة المقيتة التي عاشتها على خوف دائم تنهض من جديد لتحتضن أؤلئك الهاربون من جحيم صنعاء .

كم أنت كبيرة يا عدن تحتضنين وتضمين إلى صدرك اليوم من كان لك بألأمس القريب عدواً شرساً ، ومن قتل أولادك وهتك أعراضك وشرد خيرة رجالك ، ولكن مع ذلك أبيت إلا أن تضمينهم إليك ودموع الفرح تقطر من عينيك .

 

تذكروا رفاق صنعاء من أبناء الجنوب وحتى الشمال اليوم مدينة عدن، وتذكروا أن هذه المدينة هي محافظة جنوبية قبل أن تكون يمنية ، تذكروا هؤلاءِ القوم بأن عدن هي جزء من التراب اليمني والجنوبي الذي طالما تناسوه وتجاهلوه بل وحاربوا كل من ينادي بحقوق أهله على أرض الجنوب .

 

مدينة عدن التي كانت تمثل ثكنة عسكرية متوحشة في زمان المخلوع علي صالح وبن هادي عبدربه منصور لم تكن تحظى بأولوية بل وحتى ثانوية في أروقة النظامين اللذين حكما البلاد ، بل تعاملا معها منذ طفولتهما بالسلاح والحديد والنار متناسين أن هذه المدينة ستكون لهما مأوى في يوم من الأيام وحينما تقفل في وجوههم كل الأبواب .

 

وحقاً جاءت هذه اللحظة التاريخية العجيبة لتمثل فيها عدن محور القضية بل ومركز اليمن كلها ، فمدت أيديها إلى أبنائها الذين لم يكونوا يلقون لها بالاً حينما كانوا في صنعاء ربما لأن صنعاء منطقة جبيلة مرتفعة كانن تحجب رؤيتهم لمدينة عدن وهي تنزف بالدماء وتتطاير منها الأشلاء .

من يصدق أن عدن التي منعوا فيها حتى وسائل الإعلام المحلية من العمل وكشف معاناة أهلها أصبحوا يستقدمون إليها الآن كل وسائل الإعلام في العالم ! بل باتت لا تخلو قناة محلية أو عربية او عالمية أو صحيفة أو إذاعة من ذكر اسم هذه المدينة التي ظلت سنوات طوال في ظلمة سوداء لا يراها فيها أحد .

 

على الرغم من كل المآسي التي وقعت لعدن سابقاً مازال باب التوبة مفتوح لكل من عاداها خاصة من أبنائها المشردين من صنعاء نقول لهم بإمكانكم أن ترجعوا إلى عدن الوطن وليس الجغفرافيا  ، وبإمكانكم أن تتذكروا أن الغريب مهما تقربت منه فإنه سرعاناً ما سيرميك إلى مزابل التاريخ حينما يأخذ مصلحته منك .