قبل ايام لفت انتباهي حوار جميل بين بعض أعضاء عائله الفيس بوك تركز حول ظاهره الغش في المدارس كظاهره منتشره بين أوساط الطلاب مع قدوم حمى الامتحانات الأعداديه والثانويه وما تشكله هذه الحمى من قلق وفزع وارباك يصيب الأسر والطلاب معا ،بسبب ان أساليب التقييم في المدرسه ما زالت تعتمد على الامتحانات الكتابيه، مع زحمه في المناهج والمواد الدراسيه الكميه المعتمدة على التلقين ، ويرى البعض ان هذه الظاهره تعد خطرا حقيقيا بل ومدمرا لهذا الجيل وعلى معارفه ، ولمست لدى البعض حماسا كبيرا من واقع الإخلاص المهني والقلق التربوي والدعوه الى اهميه وضروره مواجهه هذه الظاهره السيىئه بتفعيل بعض الإجراءات بما في ذلك إشراك اجهزه الامن للحد منها.
و يعرف الغش من الناحية التربوية (بأنه : عملية تزييف لنتائج التقويم ، كما يعرف بأنه محاولة غير سوية لحصول التلميذ على الإجابة من أسئلة الاختبار ، وباستخدام طريقة غير مشروعة ).
الامر الذي لا يمكن الاختلاف حوله هو ان هذه الظاهره وانتشارها لا يخدم باي حال حال من الأحوال الجانب المعرفي للطالب، وهي ظاهره منتشره في اغلب البلدان التي مازال نظامها التعليمي يعتمد على النمطية و لم تصلها بعد رياح التغيير والتطور العلمي والتقني كما هو الحال في البلدان المتطوره .
وفي تصوري فان المعالجات لهذه الظاهره يجب ان تتم من واقع ان هذه الظاهره هي نتيجه ، وأي معالجه يجب ان تتجه بموضوعيه نحو معالجه الاسباب والجذور الحقيقيه الكامنة وراء بروزها وآستفحالها ، بما في ذلك الثغرات التي يتسم بها النظام التعليمي القائم ،حتى أصبحت امرا واقعا يشترك ويتنافس على تحقيقه بتباهي الطالب والأسره وحتى (بعض ) المعنيين في مجال التعليم ، بل ان هناك من إدارات المدارس ممن يتسابقون على تحقيق اعلى درجات التنافس ، عل اعتبار انه ليس من العدل ان يتاح الغش لطلاب في بعض المناطق ولا يتاح لغيرهم في مناطق اخرى، .
وفي هذا الاتجاه لابد من الاعتراف اولا بان هناك ازمه تعليمية كبيره تعاني منها العمليه التعليمية برمتها في بلدان عديده بما فيها المتطورة بسبب الهوه التي احدثها التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع على ارض الواقع وتخلف المدرسه عن هذا التطور ، بعد ان كانت في يوما ما اي المدرسه هي من يقود وينتج هذا التطور ، و في بلداننا المتسمه بالتخلف عموما ، أصبحت الازمه ازمه مركبه بل ومضاعفه بسبب المعاناه التي ينتجها النظام السياسي القائم ، و الذي يعاني من مظاهر الفساد والتدهور الاقتصادي والانقسامات والحروب ، اضافه الى ما تعانيه العمليه التعليمية ذاتها والنظام التعليمي العام من قصور شديد وتدهور ذاتي يشمل كل حلقات وجوانب العمليه التعليمية ، بدءا من المنهج الى المقرر، ومن المدرس المؤهل وظروفه المعيشيه الى الكتاب المدرسي ، الى القاعده الماديه وتوفر كافه شروط العمليه التعليمية الماديه والبشريه، الخ .
ولعل الأهم من كل ما ذكر ما هو مرتبط بالمنظومه التعليمية ذاتها التي لم تتطور أنظمتها المعتمدة على النمطية ،لتحاكي التطور التقني في وساىل التعليم وتستفيد منه ،اذ ان المدرسه القديمه بطرقها التقليديه العتيقة ما زالت هي السائدة، وفيها الشيء الكثير من العيوب والثغرات التي تتيح و تساعد على بقاء وانتشار هذه الظاهره ، لهذا يمكن القول ان التعليم إجمالا من الأبتداىيه وحتى الجامعه يعتبر محو اميه من حيث الجوده بالقياس الى مخرجات التعليم وجودته في بقيه بلدان العالم الي وضعت التعليم ضمن أولوياتها القوميه ومفتاح تطورها وتلبية احتياجات الناس الماديه والروحية ، فكما يقول دانتون ( بعد لقمه العيش اول حاجه للشعوب هي التربيه ).
والمؤكد ان هذا الحال سيستمر في بلدان التخلف لحين يصبح التعليم والمدرسه بحق أولى أولويات البلاد والعباد ،واعتبار ها الطريق للقضاء على الفقر ، او كما يرى اليابانيون ( ان ثروه الشعوب تكمن بين أكتاف الناس) ، والمثل الصيني يقول : (التعلم زوجه اثمن من الأحجار الكريمه) .
ختاما يقول الشاعر:
عليك بالعلم لا تطلب به بدلا واعلم بأنك فيه غير مغبون
العلم يجدي ويبقى للفتى ابدا والمال يفنى وان اجدى الى حين .