مجتمع جاف.....سيصنع الإرهاب حتماً

2014-05-23 06:11

 

الإشكالية ليست أمنية أو سياسية فقط, هناك إشكالية معرفية وثقافية أيضاً, فبلد لا توجد فيه دار سينما أو أوبرا واحدة, ولا مسرح, ولا شركة انتاج دراما تلفزيونية أو سينمائية, ولا فن راقي, ولا انتاج معرفي أو ثقافي يواكب العلم الحديث, ماذا تتوقعوا منه, هل سينتج لنا عصافير الجنة أم طيور الظلام؟.

 

بلد جاف فقير في كل النواحي الفنية, لا يجد شبابه مكاناً يشبعون فيه انسانيتهم, أحلامهم, لا يجدون الا الجماعات المسلحة يلوذون اليها بالفرار, ويتجندون في خدمة أجنداتها, بلد لا رياضة محترمة فيه, ولا تشجيع للمواهب الفنية, الرسم, الغناء, الفن الراقي, الكتابة, المسرح, الدراما, الفنون الشعبية, الشعر والأدب, القصص, الرواية, وغيرها العشرات من المجالات الفنية التي تخلد وتصنع أيضاً حضارة أي مجتمع.

****

بدل الأغنية يسمعون التحريض على المنابر, وبدل الفن المسرحي يتابعون مسرح الموت على جبهات الحروب, وبدل الدراما التلفزيونية يشاهدون الدراما التفخيخية, وبدل الأكشن يشاهدون عملية اقتحام وزارة الدفاع ومستشفى العرضي والسجن المركزي وقيادات المناطق والأجهزة الأمنية والعسكرية, دراما واقعية تُبث مشاهدها يومياً على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

لا احد يستمع للموسيقى, لأن الآذان تستمع لأزيز الرصاص داخل العاصمة ومختلف المدن, على وقع جرائم الاغتيالات, لا يوجد أم كلثوم أو فيروز أو أنور وجدي أو فريد الأطرش, فهم أبطال لا يُحترمون في اليمن, فأبوا القعقاع وأبو بصير "ناصر الوحيشي" وأبو الدرداء أصبحوا هم الأبطال والمثل الأعلى للشباب.

****

لا توجد رياضة, أو أندية اجتماعية وثقافية, توجد فقط جلسات تحريض وتعبئة حزبية وطائفية ومذهبية ومناطقية, يحرض الشباب, يتم تسليحهم, يرسلون للجبهات دفاعاً عن أمراء الحرب والفساد.

 

لا تخترق العاصمة بسباق الضاحية, بل بعصابات الاغتيال, لا يشارك الآلاف في المسابقات الرياضة, بل يشاركون في تشييع الجنازات, لا تُعقد مؤتمرات أو ندوات عن العلوم الحديثة أو الفنون الجميلة, بل ندوات ومؤتمرات يبث فيها فنون التحريض والتشويه والتلفيق الحديثة.

****

لا يذهب الشاب ليستمع لقطعة موسيقى, بل يذهب ليقطع الطريق ويستمع لألحان المفاوضات وصوت الدنانير مقابل رفع القطاع, لا يفكر الشاب في كتابة قصيدة غزلية بل يكتب زامل يستقبل به لجنة الوساطة الرئاسية, لا تساهم الدولة في انتاج مسرحي لكنها تشتري عشرات الأثوار وتخرج مسرحية تروي كيف يباع القانون ويداس القضاء تحت أقدام الثيران وأعقاب البنادق, لا تصرف الدولة سيارات للمبدعين والمخترعين, لكنها تصرف العشرات لتحكيم المتقطعين.

 

ماذا تتوقعوا من هكذا مجتمع وهكذا دولة وهكذا قوى سياسية وهكذا أوضاع ثقافية, ما نحن فيه نتاج طبيعي لأوضاعنا, لعقود من تجريف وعينا, وقتل مواهبنا, وتحريم الابداع وتجريم الفنون واستباحة الدماء واهمال العلوم.

 

****

 

خاطرة:

لا تغضبوا مني,

لا تُبلغوا عني,

فلست انا الذي اكتب,

افكاري تداعب الكيبورد احياناً,

تدق على حرف وتاليه,

وتَهرُب من ميمٍ ومن جيم,

لكي لا تُغضب السلطان,

لا تُحرج جواريه.