الجنوب : حتى لانهزم من الداخل مرة اخرى
حسين لقور بن عيدان
مسيرة الشعوب تتناوبها الانتصارات والانكسارات والهزائم والنصر لكن تلك التي تستطيع ان تتعلم من انكساراتها وهزائمها وتنهض باوطانها هي الشعوب التي تسجل حضورها الحضاري ومساهماتها في تقدم البشرية ..
من أجل ان تخرج اي امة الى العالم لابد لها ان تذهب بمشروع حضاري كامل قائم على رؤى واضحة المعالم يحقق لشعبها اولا العزة والكرامة وثانيا ان تقدم للعالم
مساهمتها في رفد مسيرة الحضارة الانسانية بما يمكنها تقديمه من قيم انسانية ..
تبنّي الرؤى الصالحة لتحقيق النهضة في هذا القطر او ذاك يعتمد على ما تقدمه النخب من افكار تضع شعوبها على طريق التقدم والتفوق وهو ما افتقدناه في تاريخنا المعاصر مع هيمنة افكار تحمل الكثير من التطرف و ضيق الأفق السياسي وسيطرة فكر الانغلاق وعدم القبول بالآخر في سلوك يعكس العجز عن الدخول الى حلبة صراع الافكار والمشاريع السياسية مما قاد الى التقوقع والانحسار لمشروع الوطن وتوالت الانكسارات من الداخل ومارسنا الانتحار من الداخل حتى اوصلتنا الامور الى ان يتحول مشروع هذا الوطن الى مجرد وريقات تبيح لقوى الظلام والتخلف ان تحكم سيطرتها عليه .
ان اقسى الهزائم على الوطن هي هزيمته من الداخل التي تتم على ايدي ابناءه حيث يسود الخوف من الاخ والجار والصديق ويؤدي بالتالي الى صراع دون اي افق ويجعل الوطن فريسة سهلة لاي قوى خارجية ..
لم يهزم الجنوب عسكريا في 94م كون من قاموا بتلك الحرب اكثر قوة او افضل تنظيم بل لاننا كنا مهزومين داخليا بفعل صراعات ادمت الجسد الجنوبي جعلت فريق كبير من ابناءه يشعرون بالعزلة والإقصاء وغير مبالين بما يجري للوطن لان اقصاءهم دفعهم الى الوقوف بسلبية بل وشارك البعض متأثرا بصراعات الجنوب في هذا العدوان ..
ان واحدة من اكثر ملامح الهزيمة هو افتتان البعض بتقليد المنتصر وهو ما نراه من مظاهر العودة الى احياء قيم القبيلة في اكثر ملامحها تخلفا كالثارات والعصبية والاستعراضات الخالية من اي محتوى والتي تتماهى مع واقع الفريق المنتصر ( المهزوم مفتون بتقليد المنتصر) ابن خلدون ..
يقف الجنوب اليوم على اعتاب مرحلة تاريخية يؤسس فيها لمشروع جديد كي يلحق بركب الحضارة الانسانية ومن اجل هذا لابد لإبناء هذا الوطن ارساء قواعد جديدة للعمل السياسي لا تستثني احدا ولا تقصي رأيا حتى يصبح الوطن ميدان لتقديم الافضل واشراك الجميع والارتقاء بقيم جديدة تجعل التنافس لتقديم ما هو افضل لهذا الوطن وشعبه , لا تنافس من اجل المكاسب الخاصة , وتقديم رؤى قادرة على استيعاب كل انواع العمل السياسي الذي يقود نحو التطور والذي لا يمكن أن يتبلور بشكل صحي و سليم سوى بالاستفادة والتعلم من اخطاء المراحل السابقة والنظر الى مستقبل جديد ..
ان اعادة الثقة لشعبنا والإيمان بقدرته على تجاوز عصر الانكسارات يعني اننا وضعنا اقدامنا على الطريق الصحيح وإعادة اللحمة الوطنية وتعميق سياسة التصالح والتسامح وتطبيق عدالة انتقالية تضع الجميع امام مسئولياتهم, لا للانتقام ولكن للانطلاق نحو افاق جديدة لاننا بدون هذا لن نخرج من هزيمتنا الداخلية .
خاطرة :.
انا سبب نفسي بنفسي
جبت صبعي صوب عيني