في البدء أقول بكل شفافية لقيادات الانتقالي الجنوبي: هل أنتم فعلاً رجال دولة أم فقط عباد سلطة؟! ألا يحز في نفوسكم بقاء الجنوب في دوامة أزمات، أم أن ذلك يجري في صالحكم لأنكم تقبضون عن كل تنازل توافقون عليه؟!
تنازلتم وصمتم أمام تحويل رواتب موظفي شعب الجنوب إلى محلات الصرافة وتخريب مرافق العمل السيادية، فأصبحت رواتبنا في خبر كان. تأتي بعد شهرين، ودون خجل قد تتأخر ثلاثة وأربعة أشهر. أين يحدث هذا؟ الناس حتى اللحظة بلا رواتب، ومن ثم سياتون لنا - الله أعلم - متى براتب شهر، دون خجل من بقاء ثلاثة أشهر لدى "المعبقي ديبازي". ولم يخرج الانتقالي عن صمته وينزل الميدان يأمر ويقرر، إلا من بعض الهرج الإعلامي المرسل عبر أثير أبوظبي: "هاه يا جماعة الحكومة اهتموا بمعيشة شعب الجنوب". وبعدين؟ وبعدين؟ "الجنوب قادم وعهد الرجال للرجال"!
تنازلتم عن المصفاة وما جرى لها من إيقاف وتعليق عملها، وما حدث من سياسة الخصخصة المبطنة، كخزانات فقط.. "والجنوب قادم وعهد الرجال للرجال"!
تنازلتم عن تدهور خدمة الكهرباء، فخربت الكهرباء السيادية من قبل الشرعية، توربين وراء توربين ليضعف إنتاج الطاقة الحكومية، وأنتم تتفرجون من بعيد، برعاية معين عبدالملك الذي وصل الأمر إلى هذا الحد، وقادكم لشراء طاقة إسعافية، وتم خصخصة الكهرباء لصالح الطاقة بالإيجار بنسبة كبيرة وبمبالغ شهرية مهولة.. "والجنوب قادم وعهد الرجال للرجال"!
تم التلاعب بالعملة، ووصل الريال السعودي لألف ومئة ربع، وارتفعت الأسعار ولا تزال، وما تم من هبوط غير مضمون العواقب ولا يزال سقف الغلاء عالياً.. "والجنوب قادم وعهد الرجال للرجال"!
صمتم ولم تقفوا في طريق إقرار صرف رواتب بالعملة الصعبة بملايين الدولارات الشهرية للحكومة لبقايا الأحزاب، للمقربين، للنازحين، للمتسيحين بالخارج، ورواتب لمرافق محافظات خارج حدود الجنوب بمليارات الريالات شهرياً، والموظف الجنوبي بلا راتب لشهور متتالية.. إلى اليوم.. "والجنوب قادم وعهد الرجال للرجال"!
مرت عشر سنوات منذ تحرير الجنوب على أيدي وبزناد بندقية أبنائنا وشبابنا ورجالنا الذين افتدوا بروحهم لهذه الأرض، بروح وطنية وحماس منقطع النظير. ذهبت تضحياتهم هدراً بين شرعنة عودة المحتل من البوابة السياسية، وتنصيب الانتقالي نفسه مفوضاً لشعب الجنوب بخمسين ألف نسمة - ولنقل حتى بشعب الجنوب كله افتراضاً - لكن ما هي الحصيلة؟ ظل الجنوب بين فكي كماشة الشراكة، وظل يدار بأجهل قيادات السياسة على وجه الأرض. وما الأزمات المتتالية الأخيرة إلا برهان أن لدينا قادة تابعون ملحقون، وليسوا رجال قرار، رجال تحت خدمة غير شعب الجنوب، وفي حروب عبثية دينية طاحنة للأبرياء من هذا الشعب.. ومازال "الجنوب قادم وعهد الرجال للرجال"!
تتابعت علينا مسخريات تشكيل حكومات لا جنوبية، تشكل من داخل الرياض وأبوظبي، وعلى ظن الجنوب وباسم الجمهورية اليمنية - والجمهورية لا وجود لها. الحوثي أسقط نظام صنعاء السابق ويدير العربية اليمنية، والساقطين من نظام عفاش والأحمر لحقوا بهادي آنذاك وشكلوا جمهورية ثانية وحقائب حكومية وموازنات وسفريات ودبلوماسيات، وعلى ظهرك يا جنوب ويا شعب الجنوب! فتملك الساقطون أقوى الحقائب السيادية مع أن ما عاد لهم جمهورية، فأين هي الوحدة أصلاً؟! وصمت الانتقالي مقابل فتات من الحقائب وهبات وموازنات ليكون بالواجهة، وليظل الانتقالي والعمالقة والزنادقة ألة بشرية في خدمة إشاعة الحروب التي يرتضيها التحالف والعالم الغربي. أما تنمية الجنوب وتحسين أوضاع شعبه وخدماته، فمسألة مؤجلة: "عيب، نحن في وضع حرب وتحت البند السابع - عفواً السابع".. "والجنوب قادم وعهد الرجال للرجال"!
اتقوا الله! قولوا لنا: إلى أين رايحين بالجنوب؟ متى بتكونوا صح وتتخلصوا من شرعنة الاحتلال علينا؟ متى؟!
ابحثوا عن رجال الجنوب وساسته وعقله في كل محافظة جنوبية ستجدونهم، واخرجوا من العملية السياسية الجنوبية إذا كانت هذه هي نتائج عملكم وشرعنتكم للمحتل. وعلى كل فاشل أن يغادر الساحة السياسية والعسكرية والأمنية.. بلا زنط على شعب صبر على بلادتكم عقد من الزمان. وكفى! ولنا حديث آخر عن زهايمر التصريحات الجنونية بالترحيب بمأرب وتعز ضمن إطار الجنوب.. هههه، أين هو الجنوب أولاً؟!
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وفينا.
د. صلاح سالم أحمد