ظاهرة صالح : ‘‘السياسية بوصفها فنّاً للتهريب‘‘

2017-09-14 19:47

 

من مقال طويل، أو بحث في "ظاهرة صالح"، كتبتهُ ونشرتهُ في بداية العام 2014. واستعيده الآن تحت إلحاح أكثر من سبب ومناسبة، كما أن العنوان (ظاهرة صالح: السياسية بوصفها فنّاً للتهريب) كان قد لفتني بعد تطورات الأحداث بشكل دراماتيكي للغاية خلال الثلاث سنوات الأخيرة!

ولا غرابة أنه بد عام واحد فقط من كتابة المقال كانت "الشرعية اليمنية" والجمهورية وملحقاتها هاربة في بلدان الله الواسعة!

 

مقتطف من المقالة:

"لعل أبرزها التشبيه الذي جسّد براعته في التعامل مع مختلف أنواع ثعابين القوى، وفي بلدٍ أن تركب الليث خيرٌ من أن تحكمه كما يصوّره بيتٌ من الشعر ذائعٌ. في هذا التشبيه الحائز على شهرةٍ عالميّة، يبدو صالح كمؤدٍ محترفٍ لـ "رقصة البَرَع"، ورقصة "البَرَع" تحديداً وليس لأي رقصةٍ أخرى، فلا يُكن تصوّره بغيرها. "جنبيته" تلمع وهي تهتز في الهواء وبدرجاتٍ متفاوتةِ الشٍّدّة تبعاً للوضعيّة المتقلبة بعنفٍ، ورجلاه تتحركان بخفةٍ متناهيةٍ في بقعٍ ووضعياتٍ لا يمكن التنبؤ بها.

 

وفي هذه النقلات العشوائيّة السريعة للبحث عن موطئٍ أمنٍ (مؤقتاً) من متناول الثعابين، أصبح المؤدّي محكوماً أبدّيّاً بأرجحة رقصته، ومحكوماً أكثر بالثعابين. في المرة الأولى الإعداديّة، كانت تنقلاته بين وضعيّةٍ وأخرى، وبقعةٍ وأخرى، هروباً أو تهرباً، ولكنه كان في سبيل التقاط الأنفاس. أما في الثانية، فقد أصبح المؤدّي خبيراً ومحترفاً بشكلٍ مثيرٍ، فحوّل مسألة الهروب إلى فنٍ بذاتها، وصار الرقص مع الثعابين عادة، وربما غاية، تتملك صاحبها، وأسطورة يقوم عليها أساس وجوده، ويأسر بها الخيال السياسي، المؤيّد والمعارض! والواقعون خارج قواعد اللعبة، تُغريهم بالضرورة رقصة الثعابين لكبيرهم الذي يُعلمهم فن السياسة -السحر، والعلاقة بين السياسة والسحر وثيقة، فيسعون إلى تَمثُّلها؛ أولاً بوصفهم ثعابين يشتركون في رقصاتٍ أخرى، وثانياً بوصفهم راقصين على رؤوس ثعابين آخرين.. فنشأت ظاهرةٌ كليّة من الرقصات والثعابين، وتحولت الجماعات السياسية إلى زمرة من الراقصين وزمرة من الثعابين، في الوقت عينه.( على ذِكر الثعابين، الشعار الشهير للطب عبارة عن كأس يلتف حوله ثعبان، والشعار مأخوذ عن إله الطب في الأساطير الإغريقية "أسكليبيوس". وأسكليبيوس هو ابن الإله أبولو، وهو من علمه "فن الصحة". ويُقال أن كبير الآلهة زيوس عاقبه بالصاعقة وأرسله إلى هاديس، العالم السفلي، لأنه أساء استخدام فن الصحة حينما حاول أحياء جسدِ إنسانٍ ميتٍ)!"