الشيخ أحمد الصريمة وحرب عام 1994م : (الحلقة الرابعة)

2017-06-08 13:44
الشيخ أحمد الصريمة وحرب عام 1994م : (الحلقة الرابعة)
شبوه برس - خاص - الصعيد شبوه

 

قبل نشوب حرب صيف 1994م بين الشمال والجنوب كان الشيخ أحمد فريد الصريمة يقود المئات من رجال قبائل شبوة ويتحرك منها إلى حضرموت قبل بداية الحرب بثلاثة أشهر، ثم تم تعيينه محافظاً لمحافظة شبوة عشية إعلان علي سالم البيض الانفصال..!

عند بداية الحرب التحق مئات القاتلين بالجبهة التي يقودها "الصريمة" بنفسه في محافظتي شبوة وحضرموت" وعند سقوط عدن بأيدي القوات الشمالية في 7 يوليو 1994م كان الصريمة ورجاله لا زالوا يقاتلون في الجبهة الأمامية للدفاع عن حضرموت ثم كان آخر المنسحبين من ميادين القتال حيث توجه ورجاله إلى سلطنة عمان حيث أنه يحمل الجنسية العمانية وبقي فيها قرابة 6 أشهر.

 

العودة مع الرئيس:

بعد اتصالات بين الرئيس السابق صالح والصريمة

دعاه لمقابلته في جده ثم عاد معه بطائرة الرئاسة إلى صنعاء ونزل ضيفاً عليه، ثم وقع عقد الطريق الجديد بين حرض وصعده مع الحكومة اليمنية ، وطاب له المقام في صنعاء واحضر عماله ومهندسيه ومعداته وبدأ العمل في ذلك الطريق وبعد أن أكمل المشروع نشبت خلافات بينه وبين وزير الأشغال على بعض المستحقات المالية المتأخرة التي أرادوا أن يخصموها منه دون وجه حق وكانت  بالملايين ثم أبرق الصريمة للرئيس وقال: .. تراجعتم عن اتفاقكم معنا وموعدنا محكمة باريس الشهر المقبل!!

12/5/2007 ثم وجه الشيخ احمد بن فريد الصريمة رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس علي عبد الله صالح يبلغه فيها أن تراجع السلطة في اليمن عن الاتفاق معه نهاية الشهر الماضي لتسوية القضية بينهما وديا سيجعله يواصل قضيته أمام المحكمة الدولية بباريس التي ستبث فيها مطلع الشهر المقبل!!

وقال الصريمة في رسالته " سيوجه محامو خط الصحراء / واللجنة الدولية طلبا رسميا لحضور فخامتكم ، يحفظكم الله ، ولدولة رئيس الوزراء السابق باجمال للحضور للإدلاء بالشهادة والاستجواب أمام المحكمة الدولية في جلسة يوم 4 / 6 / 2007 في قاعة المحكمة الدولية بباريس وكسب القضية مما اضطر الحكومة اليمنية إلى دفع كافة مستحقات أعماله المنفذة، ثم غادر اليمن نهائياً وعاد إلى عُمان.

 

الصريمة رجل علاقات:

الصريمة رجل علاقات من الطراز الأول وسياسي مخضرم ومقاتل شرس، ومثقف يقرأ الأحداث بنظرة ثاقبة، تجده في المواقف الصعبة رابط الجأش، قوي الإرادة.

تمكن الشيخ أحمد فريد الصريمة من بناء شبكة علاقات واسعة وفاعلة مع رجال القبائل في مناطق الجنوب عامة والعوالق خاصة، واستطاع أن يلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في الثورات المسلحة في كور العوالق وحضرموت والمهرة وشبوة ضد النظام الشمولي في عدن، وكان "أحمد" ابن بيئته وقبيلته أدهش من حوله بشجاعته وحيويته ورباطة جأشه في الأزمات والمعارك، ولم يصدق من يشاهده أنه عاش في لندن ودرس في جامعتها ولكن ينطبق عليه المثل العربي"أبو زيد ولو في شمله" .

 

أعمال البر والإحسان:

أسس الشيخ أحمد بن فريد  جمعية خيرية أطلق عليها أسماء والديه ( نور الفريد) عام 2012م و مكتبها الرئيسي في كريتر بمدينة عدن واعتمد لها 215 مليون ريال يمني يعادل مليون دولار أمريكي حينها وسبق أن قامت الجمعية بمعالجة 350 حالة مصابة بالسرطان بالإضافة إلى نشاطها في إطلاق حالات المعسرين من السجون كما قدمت مساعدات للاجئين السوريين في عدن .كما قدم تبرعا بمبلغ 150 ألف دولار للمتضررين من الفيضانات وحمى الضنك في حضرموت عام 2012م .  وكانت هذه الجمعية تقدم الهبات والتبرعات للمشاريع الخيرية وتساعد المحتاجين  والفقراء والمرضى ..ولا يعرف أسرارها إلا الله وحده ولا يفصح بأعمالها إلا لقلة قليلة ممن يثق فيهم ولا يرد أي محتاج  إذا طلب منه العون ..

وكان رحمه الله بارا بأهله وأقاربه من أسرة آل فريد ويتفقد أحوالهم بصورة مستمرة .

وكما قال الإمام الشافعي :

وأفضل الناس مابين الورى رجل  /تقضى على يده للناس حاجات

قد مات قوم وما ماتت مكارمهم / وعاش قوم وهم في الناس أموات

 

شخصيته وأخلاقه:

الشيخ أحمد فريد الصريمة  شخصية قيادية محنكة و قويه من الطراز الأول ويمتاز بالشجاعة والإقدام وكان مقاتلا شرسا إذا أحمرت الحدق لا يهاب ولا يخاف تجده يسابق اقرانه إذا حمي الوطيس .. ويمتاز بدماثة الخلق ونبل المشاعر إذا تكلم يجهر بالحق ولا يجامل ..يمتاز بالذكاء الوقاد وسرعة البديهة ..يفحم محاوريه إذا أشتد الجدل ..ثقافته واسعة .ومن زملائه الذين رافقوه في كور العوالق الشيخ عوض حسين بن عشيم وسالم ومبارك بن محمد وصالح لصمع من آل باشعيره الطواسل وكذلك ناصر لسود البوبكري والشيخ مبخوت بن سالم علي معور الربيزي والشيخ محسن أحمد  بن صالح بن فريد وكوكبة من رجال العوالق من مختلف القبائل العولقية كما رافقوه في حرب عام 1994م.

 

بن لادن عمان:

استطاع الشيخ الصريمة اكتساب الجنسية العمانية وأقام شبكة علاقات واسعة مع رجال الأعمال والمال وكسب ثقتهم وأسس شركات عديدة وكان يديرها بنفسه وأنجز معظم شبكات الطرق والمشاريع العملاقة في سلطنة عمان وله علاقات شخصية مع أهم الشخصيات السياسية  العمانية. بدأ الشيخ أحمد تأسيس شركاته الخاصة حتى أصبح في عمان يضاهي بن لادن في السعودية .

حياته بسيطة أقرب إلى الزهد والتقشف تجده ينام بجوار إحدى الشاحنات في أحد المشاريع التي ينفذها  أو في خيمة ..يشرف بنفسه على أدق التفاصيل في المشاريع التي ينفذها  ولا يجد غضاضة في الأكل مع عماله ويجلس بينهم على الأرض.. رغم انه عاش في أرقى المدارس والجامعات إلا أنه ابن بيئته وجذوره سرعان ما يعود إلى طباعه القبلية الأصيلة .. وسيان عنده إذا أقام في فندق خمس نجوم في لندن أو نام في جبال كور العوالق دون لحاف يمنع عنه برد الشتاء !!

 

منذ عام 1982م أصبح من أبرز رجال الأعمال في الخليج واليمن،  وعاش حياة حافلة بالعطاء في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وقد قام السلطان قابوس بن سعيد بمنحه وسام التكريم من الدرجة الممتازة  على ما بذله من انجازات ومشاريع عملاقة في السلطنة  . حقق نجاحاً مدوياً في قطاع المقاولات في الخليج ، وأستقر به المقام في -سلطنة عُمان واختارها وطنا ثانيا له - التي عشقها وهام بها، وجذبه إليها طيبة أهلها وصفاء سريرتهم وأصالتهم وكرمهم،.قام السلطان قابوس بن سعيد بمنحه وسام التكريم من الدرجة الأولى  الممتازة تكريما له على ما بذله من جهد في انجاز العديد من المشاريع الهامة في السلطنة.

*- بقلم: د. علوي عمر بن فريد – باحث ومؤرخ

*- للإطلاع على الحلقة الثالثة : أضغـــــــط هنــــا