‘‘ بيت التوت ‘‘.. اليمن بين عائلة وثورة

2013-12-11 20:13
‘‘ بيت التوت ‘‘.. اليمن بين عائلة وثورة
شبوة برس - متابعات صنعاء

 

شجرة التوت تتوسط حديقة منزل العائلة في صنعاء. فاكهتها محرمة على الأطفال، محللة على رب الأسرة. ثمرتها تصبغ شفاه الأطفال بلون أحمر كالدم السائل من فم شهيد الثورة.

 

عندما عادت سارة إسحق إلى اليمن، بعد 10 سنوات من رحيلها هربا من القيود الاجتماعية، لم تكن تعلم أن شعبها سيختار زمن عودتها ليلحق بقطار ثورات تونس ومصر وينقلب على الرئيس علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد نحو 4 عقود.

 

اسحق، ابنة لأب يمني وأم اسكتلندية انتهى زواجهما بالطلاق، تقرر في سن الـ17 أن تلحق بوالدتها في اسكتلندا حيث حصلت على ماجستير في الاخراج.

 

بروح حميمية وحس فكاهي طبيعي، ترصد في فيلمها الوثائقي "بيت التوت" - لا سيما من خلال والدها وجدها - حياة عائلتها المتحدرة من صعدة، حيث يتناحر الجيش اليمني والحوثيين.

 

في البداية، يحاول الأب جذب انتباه الرأي العام المحلي والعالمي لقضية شقيقه الأصغر المعتقل في سجون النظام. فيظهر الأب أمام الكاميرا شخصا مرحا متفتحا متسامحا، يؤكد على ضرورة عدم إكراه الفتيات على الزواج في سن صغيرة، على عكس الشائع في اليمن.

 

لكن سرعان ما يتضح أنه حاول تزويج سارة وعمرها 15 سنة من رجل "كبير في السن، أصلع وبدين"، لكن يحسب له أنه احترم رفضها.

 

بسؤالها عن الشخصية الحقيقية للأب بين ما يريد تصويره وبين الواقع، قالت إسحق لـ"سكاي نيوز عربية" "تصوير هذا الفيلم جعلني أعترف لنفسي أن أبي ليس هذا الوحش الذي أراد تزويجي رغما عني".

 

"وجدت أن به مواطن طيبة وحنانا طمسها البعاد وطغت عليها الذكريات الأقل حسنا"، حسب المخرجة.

 

وتردف "عندما صورت الفيلم، كنت قد أمضيت خمس سنوات دون أن أزورهم، كنا قد ابتعدنا وساءت علاقاتنا كثيرا".

 

"كان التصوير فرصة للتذكر وعودة العلاقات، لكني كنت أخشى هذه المواجهة فكانت الكاميرا لي عين ومفتاح أدخل بها عليهم وفي نفس الوقت درع يعطيني مساحة تقيني من الانصهار فيهم".

 

تصف المخرجة عائلتها بأنها "نموذج لأسرة يمنية تقليدية من الطبقة المتوسطة"، لكن من يعرف اليمن يدرك أنها أكثر انفتاحا على العالم وأعلى تعليما من غالبية هذه الطبقة هناك.

 

سرعان ما تنغمس العائلة في الثورة ويتحمس لها الأب فيطهو وجبات لثوار ساحة التغيير بالعاصمة.

 

أما الجد، صوت الحكمة المستمدة من خبرة 89 عاما، فيحذرهم من الانجراف مع مشاعر التفاؤل "فالنظام الفاسد خلق عالما فاسدا" يصعب اقتلاعه.

 

تخرج سارة لتصور المظاهرات وجنازات الشهداء وتقرر مد إقامتها للمشاركة في الثورة وتتبع مسارها وتستعين بها هيئة الإذاعة البريطانية كشاهد عيان.

 

"في يوم صورت جنازة الشهداء ثم عدت وصورت أشقائي الصغار وهم يأكلون التوت.

 

لاحظت المفارقة، كان التوت يصبغ شفاه أخواتي بلون أحمر تماما كالدم الذي يغطي فم الشهيد".

 

تشير إلى أن "موسم التوت في اليمن في فبراير ومارس، فتزامن مع بداية الثورة". "لقد كان منزلنا، حيث شجرة التوت، فقاعة تحمينا من العالم الخارجي لكن الأشياء كانت تتغير في الخارج كما كانت عائلتنا تتغير في الداخل".

 

تنهي فيلمها بعودتها بعد عام من زيارة التصوير الأولى، فترصد بعض التغييرات كالإفراج عن العم المعتقل واستبدال فتيات العائلة النقاب بالحجاب والعباءة السوداء الطويلة بمعطف قصير محتشم.

 

* سكاي نيوز