عندما يصبح النور مطلباً للنضال

2025-05-11 19:29

 

في قلب عدن، المدينة التي لطالما عُرفت بحضارتها وريادتها في الوعي المدني، خرجت نساءها، وكأنهن يحملن صدى المدينة منذ عقود، مطالبات بأبسط حقوق الإنسان: الكهرباء.

لم يكن المشهد غريبًا على من يعرف عدن، لكنه كان مؤلمًا في دلالاته. أن تُجبر نساء في القرن الحادي والعشرين على النزول إلى الشارع فقط ليُسمع صوتهن بأن "الكهرباء ليست ترفًا بل حق"، هو تعبير قاسٍ عن ما آلت إليه الأوضاع.

 

بين ماضي المدينة المجيد، حين كانت تُعد منارة للثقافة والتحضر في الجنوب العربي، وحاضرها المثقل بالأزمات المتراكمة، شيء واحد لم يتغير: عزيمة أهلها.

لقد جُربت عدن كثيرًا، وتُركت تواجه وحدها تداعيات الحرب والفساد والإهمال، لكن أهلها لم ينكسروا. بل على العكس، أثبتت نساء المدينة اليوم أن الكرامة لا تتآكل تحت حرارة الصيف ولا تنطفئ في العتمة، بل تزداد إشعاعًا كلما اشتد الظلام.

 

الكهرباء ليست فقط تيارًا يسري في الأسلاك، بل هي حياة: في المستشفى، في البيت، في المدرسة، وفي كل زاوية من زوايا المدينة. حرمان الناس منها هو حرمان من الاستقرار، من الإنتاج، ومن الأمل.

وعدن لا تطلب المستحيل. هي لا تطالب برفاهية، بل بحق. وهذا ما يجعل هذا الحراك الأخير مهمًا واستثنائيًا، لأنه يمثل لحظة وعي جماعي بأن الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع.

 

عدن هي القلب، وعندما يتألم القلب، يتألم الجسد كله. واليوم، هذا القلب ينزف، لكنه ينبض في وجه التخاذل والعبث.

 

إن صرخة عدن، ليست محلية، بل هي نداء وطني عام: يكفي صمتًا، يكفي تهميشًا، يكفي استهتارًا بحياة الناس.

 

فلنُصغِ لعدن، لأنها تقول الحقيقة، وتدافع عن حق الحياة.

 

*- عبدالناصر مختار علي