عودة الحرب الباردة.. صراع النفوذ بين الكبار

2025-04-24 14:59

 

لم تأت دعوة ترامب وسعيه لوقف الحروب العسكرية حول العالم من فراغ، لأن أمريكا لم تكسب الكثير بعد الحرب الباردة السابقة في نهاية القرن العشرين بسبب تدخلها المباشر في كثير من أزمات العالم فهي صانعة ازمات من الدرجة الأولى لكن تعاقب الإدارات المتباينة السياسات افقدت الولايات المتحدة الأمريكية هيبتها حول العالم حتى بين حلفائها.

عندما تنظر للإجراءات التي يتخذها ترامب في ما يسمى (التعرفة الجمركية) خلقت حرب باردة جديدة ستدمر اقتصاد العالم مالم يوضع حد لها.

 

بدأت بوادر الحرب الباردة بين أمريكا والصين بسبب تعريفات ترامب الجمركية عندما رفعها على الصادرات الصينية بنسبة خيالية.. كذلك تأذى الإتحاد الأوروبي حليف أمريكا من تلك السياسة التي ينتهجها ترامب تجاه أوروبا.

حرب أوكرانيا سيوقفها وسيفرص على كييف شروط قاسية منها صفقة (المعادن الثمينة - الرقائق) كذلك سيحصل على مقابل من روسيا.

روسيا تحاول خلق عالم متعدد الاقطاب ومعها الصين والدول النامية لكن أمريكا تحاول ان تبقى القوة الإقتصادية والعسكرية المهيمنة عالميا فهل يستطيع ترامب تحقيق ذلك؟

ان اهم أسباب التوتر بين القوى العظمى، النفوذ والسيطرة والإستحواذ! فقد دأبت القوى الكبرى على استعمار الشعوب ونهب ثرواتها في الماضي بالقوة العسكرية والاحتلال، اما اليوم فهناك استعمار اقتصادي وفرض عقوبات وافتعال أزمات وكلها لأجل خدمة مصالح الكبار.

 

التنافس لم يعد حكرا على القوى العظمى بل أصبح الصراع حتى في نطاق الإقليم (الصراع الإقليمي) على السيطرة والنفوذ مثل صراعات الشرق الأوسط بين دول المنطقة (الكبيرة) للسيطرة على الدول والشعوب الفقيرة.

صراعات الكبار سيكون لها آثار على التغير المناخي المضطرب وعلى الأمن السيبراني المهدد بتطوير التقنيات لدى الخصوم وهذا سينعكس اثره على حياة المجتمعات التي أصبحت حياتها تعتمد على أنظمة الحواسيب في تعاملاتها التجارية والطبية وحفظ المعلومات وتسيير الأعمال اليومية.

 

لاشك ان العالم مقبل على تغييرات كبرى فتح بابها ترامب ولن يستطيع إغلاقه! كل الاحتمالات واردة حتى المواجهة العسكرية (حرب عالمية) او حرب محدودة بين الكبار مثل امريكا والصين.

لقد عانى العالم في فترة الحرب الباردة السابقة وسباق التسلح وعسكرة الشعوب وقرع طبول الحرب مع كل أزمة بين القوى العظمى عندما كان الإتحاد السوفيتي وحلفائه يمثلون القطب الموازي الذي يخشاه الغرب، وبعد انهيار الإتحاد السوفيتي بدأت قوى جديدة تظهر منها العملاق الصيني والاتحاد الروسي مما شكل تهديد لسلطة أمريكا المطلقة في العالم خلال العقود الثلاثة الماضية.

حاليا تظهر على السطح العلاقات الأمريكية الصينية المتوترة وهي أهم حدث في الوقت الحاضر، هذا التوتر له أسبابه ليست بالضرورة التعريفات الجمركية وحدها بل هناك أسباب مثل التنافس الصناعي الحاد وازمة تايوان وتغلغل الصين في أفريقيا "حديقة الغرب الخلفية" كذلك غزو المنتجات الصينية وسيطرتها على الأسواق في الشرق الأوسط.

هذه بعض بوادر عودة الحرب الباردة التي تطل علينا في صورة تنافس اقتصادي سيتحول الى تنافس عسكري وسعي لتوسيع النفوذ حول العالم قد يتحول الى مواجهات عسكرية مباشرة.

إن ما يصرح به رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بين حين وآخر يخيف المراقبين و يستشعرون نتائج تلك التصريحات إذا أقدم عليها ! فقد طالب بضم كندا!! والسيطرة على جرينلاند الدنماركية وعلى قناة بنما!! هذه الشراهة التجارية التي ابداها ترامب تعكس صورة غير واضحة لعالم المستقبل في ظل تحكم الشركات المالية العالمية المسيطرة.