الجنوب اليوم يعيش واقعًا مأساويا ؛ بلدٌ محطَّم، جائع، خاضع لاحتلال مركّب داخليًا وخارجياً. استمرار الشراكة مع بقايا النظام العفاشي ليس مجرد خطأ سياسي، بل هو تتويج لكل الهزائم منذ 1990م، وتحويلها إلى هزيمة وجودية شاملة تمسّ البشر والحجر والتاريخ والجغرافيا.
الهزيمة المنتصرة: مفارقة قاتلة
الهزيمة لم تعد مجرد خسارة، بل تحولت إلى "انتصار" بطريقة عكسية، حيث أصبح الموت والدمار واليأس هو الواقع السائد، وتحولت المعاناة إلى "إنجاز" يخدم المحتلين والمتنفذين. استمرار الشراكة مع القوى التي أذلّت الجنوب هو تكريس لهذه الهزيمة، وهو الضامن لاستمرار الاحتلال وصراعات القوى الإقليمية.
الجنوب.. أداة تخويف للشعوب العربية
أصبح الجنوب نموذجاً يُستخدم لترهيب الشعوب العربية، وتصوير الثورات على أنها سبب الخراب. حتى بعض المثقفين، مثل أدونيس، يروجون لفكرة أن المشكلة ليست في الأنظمة، بل في الشعوب نفسها، مما يكرّس الهزيمة وكأنها مصير محتوم.
الهزيمة كنموذج أعلى
منذ حرب 1994 وحتى حرب 2015، كانت الهزائم تتوالى، لكنها اليوم تحولت إلى "نموذج"، يتم من خلاله إقناع الناس بأنهم ليسوا في أزمة، بل يعيشون "انتصارًا". يتم تصوير الموت كحياة، والجوع كاكتفاء، والتشرد كعودة إلى الوطن، في عملية تضليل ممنهجة تفقد القضية الجنوبية معناها الحقيقي.
الجنوب بين التهميش واللا معنى
لم يعد للجنوب تأثير عالمي أو تعاطف دولي، بل أصبح مصدر إزعاج سياسي ومجتمعي. لم يعد كفاحه تحرريًا بعد أن ارتبط بالإرهاب، ولا إنسانيًا بعد أن تحوّل إلى صراع عبثي. والأخطر أن المحتل نفسه هو من يحكم الجنوب، ويعيد صياغة مشهده بالكامل.
الشراكة استمرار للهزيمة
الهزيمة لم تكتمل إلا باستمرار الشراكة، التي سلبت الجنوب قضيته، وأفقدته مكانته على الساحة الدولية. ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة سياسية، بل ضياع تام لمعنى القضية الجنوبية، وتحويلها إلى مأساة بلا أفق.
الجنوب لم يعد مجرد ضحية، بل بات شاهدًا على انتصار الهزيمة في أقسى صورها!
✍️ ناصر العبيدي